الدول المستقرة، هي تلك التي تؤسس رؤيتها لما فيه خير شعبها ومصلحة وطنها، وترفع شعار «الوطن أولا».. والمملكة بقيادة سلمان الحزم والعزم، وضعت الحداثة معيارًا للنهوض والاستنهاض، واستغلال ثروتها لتأسيس هذه الرؤية الانفتاحية وترسيخ مكامنها ومخزونها بما يعود بالفائدة على كل مواطن. وعندما وضع سمو ولي العهد رؤية 2030 الإستراتيجية، كان الهدف استثمار كل محاور القوة الذاتية للدفع بالبلاد للمستقبل الآمن والأفضل معا.. لذا كانت فترة التحول الهائلة طاقة إيجابية ترسم صورة مغايرة تماما لدولة عصرية لا تنسلخ عن جلدها التراثي ومخزونها التقليدي، إنما تحوله لطاقات دافعة نحو الغد. من هنا كان مشروع «القدية» الترفيهي عالميا وتاريخيا، الذي دشن حجر أساسه القائد خادم الحرمين الشريفين أول من أمس، نقطة تحول أخرى تستمد قوتها من الإرادة الذاتية، وتبني أسسها على حلم طموح يقوم على عنصري الرغبة والقدرة. وبعيدا عن تفاصيل المشروع/ الحلم والأرقام الهائلة حوله، سواء من حيث الاستثمارات، أو العوائد الاقتصادية، أو الفرص الوظيفية، فإننا أمام ملمح مشرق يدشن وجه السعودية الجديدة بكل طموحات قيادتها، وأحلام شعبها أمام العالم المتحضر، بما يضمن آفاقا استثمارية واعدة، والأهم بما يؤسسه من مجالات عديدة لسواعدنا الوطنية لتؤكد قدرتها الفكرية والعملية، وكذا استجابتها الواعية وتفاعلها مع كل ما يبني وينمو ويتنامى، ليضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، منها ما يجعل من بلادنا وجهة سياحية عالمية تتكامل مع مشاريع تنموية موازية، كمشروع «نيوم» العملاق، مثلا، فيضمن تدفقا إضافيا من الخارج على كل المستويات من جهة، ومن جهة أخرى، يوقف نزيف السياحة للخارج وهي مبالغ لا يستهان بها ويحولها لشرايين الاقتصاد الوطني المحلي. ربما لا يغيب أيضا، أننا أمام نظرة مستقبلية غاية في التفاؤل، لسياسة واعية تدرك كيف تعيد تدوير الإمكانيات والثروات ومعهما القدرات انطلاقا من مفهوم «السعودية أولا» لتحقيق الخير للوطن والمواطن، كرد ونموذج عملي على كل حملات التشكيك والإثارة الهوجاء اللتين تعتمدان الضجيج الإعلامي في أحط أساليبه. نموذج مشروع «القدية» العالمي يضعنا أمام منعطف سعودي جديد، نرسم به ومن خلاله، كيف نحول الحلم إلى حقيقة، ويؤطر للقدرات السعودية الفائقة فكرا وعملا وتنفيذا، بمثل ما يرسخ مكامن القدرة الذاتية على الانطلاق والعبور بالبلاد إلى الأفق الرحب، ويزيد من الثقة في النفس وجدارة العطاء. هذا النموذج الذي يأخذنا من خلاله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهما الله - إلى المستقبل، لن يكون سوى محطة من محطات الزمن السعودي المتألق بابن الوطن.. ومن أجل الوطن.