جاء في الأثر «إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إذَا عَمِلَ أَحَدُكُم عَمَلا أَنْ يُتقِنَهُ»، وهكذا جاءت «رؤية المملكة 2030» لتضعنا في مسار المستقبل باستعداد تام في التخطيط وقراءة الأفق، انتهاء بالتحول الى واقع جديد أفضل وأكثر جدوى تنموية واقتصادية وازدهارا وعطاء. تلك الرؤية التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» تضع كل مواطن سعودي على أهبة الاستعداد للانطلاق الى مرحلة جديدة في البناء الوطني، فقد أصدر أوامره التي تؤكد على العمل بالتخطيط الذي يلبي الطموحات ويحقق الأمنيات، وقال «يحفظه الله»: هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك. هنا فصل الخطاب، فقيادة البلاد اتجهت بالوطن وأبنائه الى مرحلة جديدة تعكسها الرؤية بتفاصيلها التي تحدد المحاور والمرتكزات الأساسية بما يجعلها مشروع عمل وطني يدعو كل مواطن للاستعداد للعمل وفتح الأفق الذاتي للتفكير في منظومة انتاجية بحسب الرؤية، إذ المطلوب من كل شخص أن يبتكر ويفكر ويبدع ليكون أكثر إنتاجية مستفيدا من الغطاء الاقتصادي الكبير الذي يتوفر له ليتحرك انتاجيا وعمليا، فالرؤية تتضمن مرتكزات لتحقيق التنمية قائمة على منهج الوسطية والتسامح وقيم الاتقان والانضباط والعدالة والشفافيّة، فرؤية كل دولة من دول العالم تنطلق من مكامن قوتها، ومن المهم أن يكون المواطن السعودي هو مكمن القوة لقيادته ووطنه بالدرجة الأولى، ثم يلي ذلك عمقنا العربي والاسلامي، وقوة بلادنا الاستثمارية التي توجد في تنوع اقتصادها، وموقعها الاستراتيجي المميز. لدينا الكثير من الفرص الكامنة والثروات المتنوعة، غير أن ثروتنا الحقيقية في مجتمعنا وأفراده، وديننا الإسلامي ووحدتنا الوطنية، نضيف الى ذلك مقومات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة تمكننا من أخذ مكانتنا التي تليق بنا عالميا، لذلك من المهم البدء في إعادة اكتشاف ثرواتنا الحضارية والطبيعية وقبل ذلك البشرية، باكتشاف قدراتنا وصولا الى الوطن الطموح في منتهى الرؤية، فنحن لدينا شعب طموح معظمه من الشباب، يشكلون 67% من عدد السكان، وطبيعيا لدينا ثروات عظيمة منها الذهب والفوسفات واليورانيوم وغيرها، الى جانب المكانة العالمية السياسية. ينبغي أن تسود في المرحلة المقبلة من العمل مبادئ الصراحة والشفافية وأن تكون عنوانا للمرحلة، مع الاستماع الى جميع الآراء والافكار، لتكون مسؤولية العمل جماعية يتحملها كل مواطن، حتى نحافظ أكثر على المكتسبات والمنجزات وتعويض النقص في المداخيل وبناء وطن أكثر ازدهارا يجد فيه المواطن أن كل طموحاته قد تحققت، حينها بإذن الله سيصبح وطننا في مقدمة دول العالم في الخدمات الحكومية وفي مجالات التعليم والرعاية الصحية والتأهيل والخدمات المتطورة، والمملكة لن تصبح بعد اليوم رهنا لقيمة سلعة أو حراك أسواق خارجية وتقلباتها. كل تلك البرامج التي ستطلق من أجل تحقيق «رؤية المملكة 2030» ومنها برنامج التحول الاستراتيجي لشركة أرامكو السعودية، برنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامّة، برنامج رأس المال البشري، برنامج التحول الوطني، برنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي، برنامج التوسع في التخصيص، برنامج الشراكات الاستراتيجية، ستصبح قيمة مضافة لعملية إنتاجية واسعة وطموحة تستوعب كل وطني مخلص وغيور على وطنه، فالتحول بدأ بالفعل وحدودنا التنموية ما قاله المليك أن نكون أنموذجا ناجحاً ورائداً في العالم، والوعد هو تاريخ عام 2030م، وستستمر بلادنا مزدهرة.