أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاربعاء في واشنطن أن نظيره الأمريكي دونالد ترامب قد ينسحب من الاتفاق النووي مع إيران لأسباب سياسية داخلية، وذلك بعد اجراء الرئيسين محادثات حول مستقبل هذا الاتفاق. وقال ماكرون لوسائل إعلام أمريكية مع اقتراب انتهاء زيارته الى الولاياتالمتحدة: إنه في الوقت، الذي لا يعرف فيه على وجه الخصوص ما الذي سيقرره ترامب، فإنه يعتقد ان الزعيم الامريكي سوف يتخلص من الاتفاق بمفرده لأسباب داخلية. وعلى ترامب المعارض الشرس للاتفاق الموقع بين إيران والقوى الكبرى أن يعلن إن كان سينسحب من الاتفاق أو يستمر به مع حلول المهلة النهائية لتجديده في 12 مايو. ويتعلق جزء كبير من زيارة ماكرون الى واشنطن بالسعي للتوصل الى «اتفاق جديد» أكثر شمولية، ويمكن أن يعالج أوجه القصور في الاتفاق الحالي الذي يصفه ترامب بأنه «الأسوأ» في التاريخ. وقال ماكرون للصحافيين وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية: ليست لدي معلومات خاصة حول القرار الذي سيتخذه ترامب بخصوص الاتفاق. وأضاف: انا استمع الى ما يقوله الرئيس الأمريكي ، ويبدو لي انه ليس متحمسا جدا للدفاع عنه. واستذكر ماكرون أن ترامب قد جعل التخلص من هذا الاتفاق النووي مع ايران تعهدا خلال حملته للانتخابات الرئاسية في 2016. وترى صحيفة «ذا نيويوركر» أن موقف الرئيس الأمريكي من إيران وتهافتها لامتلاك سلاح نووي قد يكون المسألة الأكثر حساسية على الطاولة. فموقف ترامب منها لا لبس فيه. وكان الفرنسيون والألمان والبريطانيون قد بحثوا مع حلفائهم الامريكيين إمكانية التوصل لحل يهدئ بعض مخاوف ترامب من تطور البرنامج النووي الايراني. فهو على وشك تقرير ما سيفعله بحلول 12 مايو موعد اعادة فرض العقوبات على إيران ويخشى الاوروبيون تقويض الاتفاق ودفع ايران لطرد المفتشين والعودة لتخصيب اليورانيوم. ويرى ماكرون وشركاؤه الأوروبيون وجود خيارات بديلة أفضل يمكن اللجوء اليها لكبح البرنامج النووي الإيراني. من جانبها، ترى صحيفة «واشنطن بوست» أنه ينسب لهنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية الأسبق، أنه سأل ذات مرة «بمَنْ أتصل اذا أردت التحدث مع اوروبا؟». بالنسبة للادارة الامريكية الحالية الاجابة واضحة، اتصلوا بماكرون. فالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ليست على وئام مع ترامب. وقد سبق ان اختلفا في أكثر من قضية، لكن لا ينبغي أن يفهم من ذلك أن المستشارة بعيدة عما يجري اليوم في واشنطن. نووي إيران وبرنامجها للصواريخ الباليستية يجمعان ترامب وماكرون ويسعى كل على طريقته خدمة هذا الأمر وإيجاد حل نهائي له، وذلك على رغم التباين بين الرجلين، فالجميع يتذكر أنه وقبل عامين أربك دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون، قواعد اللعبة الانتخابية في بلديهما وسط ذهول الأحزاب الكبيرة وتخبط المحللين السياسيين. وترامب البالغ من العمر (71) عاماً، بنى حملته إلى مقعد الرئاسة بنزعة شعبوية يمينية يرفضها ماكرون الذي يصغره بثلاثة عقود، ويعتبر حامل لواء الوسطية الليبرالية في الغرب، وهو الذي فاز بأصوات حركة وليدة ليس لها رصيد سياسي معروف عن يدافع عن التغير المناخي، الذي يرفضه ترامب، كما أنه يبشر باتحاد أوروبي على خلاف مع نظيره ترامب. والحال كذلك فيما ذهب إليه مفكرين فرنسيين يقيمان في أمريكا بأن ماكرون كنظيره الأمريكي يتفهم المزاج الشعبوي الذي يطغى على بلديهما، لكن الرئيس الفرنسي يريد مقاربة الموضوع بمداخل مختلفة دون أن يفرط في قناعته بضرورة وجود نظام عالمي مفتوح وتعاوني.