تأتي القمة الإسلامية الاستثنائية التي دعا لانعقادها خادم الحرمين الشريفين، في إطار الجهد المتواصل للمملكة العربية السعودية من أجل دعم التضامن الإسلامي وما يتعلق بقضاياه الراهنة والحرجة، والتي بات من الضروري وضع أسس ومعايير على المستوى الإسلامي الدولي لمواجهتها والتعامل معها بمنتهى الجدية والحسم والعمل المشترك، خاصة وأن ما يواجه العالم الإسلامي اليوم هو مرحلة من التحديات الكبرى المشوبة بالترقب والحذر مما عساه يصدر من أعداء الإسلام هنا وهناك من تجنى على حقوق الأقليات المسلمة ومن طعون لا تزال تتواتر في علاقة الإسلام بالإرهاب الدولي وبالجماعات المسلحة، وهو ما يجعل من قمة مكةالمكرمة حدثاً غير اعتيادي بالنسبة للعالم الإسلامي المترامي الأطراف، وإن كان حدثاً اعتيادياً بالنسبة للمملكة التي سبق لها وأن استضافت العديد من القمم المماثلة عبر تاريخ علاقاتها الطويل وباعتبارها أرض الإسلام ومهده وحاضنة المسلمين الدائمة في مواسم الحج والعمرة، وحاضرة البيت الحرام ومنزل الوحي والنبوة. ومن الجدير بالذكر أن الملك عبدالعزيز رحمه الله هو أول من دعا لعقد مؤتمر إسلامي في مكةالمكرمة، وذلك خلال العام 1344من الهجرة حيث كانت الأمة الإسلامية تعاني قهر الاستعمار وبطشه فوق العديد من أراضيها وبقاعها، لذا فليس من الغريب أن يقتدي بهذه الدعوة البكر ، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وسدد خطاه فيدعو العالم الإسلامي في شهر رمضان المبارك إلى هذه القمة الاستثنائية لاستعادة أوجه التعاون الجاد من أجل الحفاظ على أمن وأمان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، والوقوف على ما عساه يكون من أخطار تتربص بهم وبرسالتهم السامية على وجه البسيطة . والمثقفون والسياسيون والمفكرون من جهتهم عوّلوا على انعقاد هذه القمة ، ووضعوا آمالهم فيها ، عسى أن تحقق ما يتمنونه من حسم لقضايا عالقة تهم الشأن الإسلامي وعالمه . تغيير الصورة من جهته أشار الدكتور حميد الهاشمي أستاذ الأنثربولوجي للقمة قائلاً: أولاً نحن اعتدنا على النظر الى انعقاد مثل هذه القمم (سواء للجامعة العربية او لمنظمة المؤتمر الاسلامي) على انها حدث عابر يجمع رؤساء هذه الدول او من يمثلها وان نتائجها لا تقدم ولا تؤخر. باستثناء الشيء الايجابيي بالاستمرار الذي يتمثل بلقاء (خصمين) او طرفين على خلاف وتصفية الاجواء بينهما. والخلاف بين حكومتي المملكة العربية السعودية وايران هو خلاف سياسي- ايديولوجي ويتعمق باستمرار بتأثير الاعلام والاحداث الاقليمية وتدخل اطراف دولية فاعلة لمصالحها بصورة او اخرى. ثانيا: اطلعنا في الاخبار خلال الايام القليلة الماضية عن تعميم الحكومة السعودية لقرار صادر عنها الى أئمة المساجد في المملكة تدعوهم فيه الى وقف الخطاب العدائي ضد الديانات والمذاهب الاخرى، وهذا تطور مهم وان كان يحتاج الى المزيد من الجهد والتطور يمتد الى تعديل المناهج الدراسية ووسائل الاعلام والمواقع الطائفية المنفلتة. وارى ان دعوة الرئيس الايراني للقمة يأتي بنفس السياق لتقليل التوتر بين البلدين وعلى اتباع المذهبين بأمل ان ينعكس على الشارع الاسلامي المنقسم بصورة عامة. وبصورة خاصة الان على ساحة الحرب السورية التي يعتبر فيها البلدان (السعودية وايران) طرفين فاعلين. اما استجابة الرئيس الايراني فهي طبيعية، لان ايران بحاجة الى ان تفك العزلة الدولية عن نفسها وهي بحاجة الى اي تقارب مع محيطها الاقليمي خاصة. التحديات الراهنة ومن جهتها عبرت الأديبة العراقية «عايدة الربيعي» عن رأيها في القمة قائلة: هي دعوة من المملكة السعودية الى تكثيف الجهود لمواجهة الظروف والتصدي لمصادر الفتنة والشقاق او هذا انما يؤكد سياسيا تعزيز للتضامن الإسلامي. وهي خطوة ضرورية في زمن حرج .. ولكن الى اي مدى ستحقق شعارها ذلك هو المهم خصوصا ان المؤتمر يستهدف تدارس قادة 57 دولة اسلامية ذاك يعني الخوض في سبل استعادة التضامن الاسلامي اولا، ومواجهة التحديات الراهنة ثانيا، والتي نحن بامس الحاجة اليها في هذا الظرف اللاهب مما يدعو إلى تضافر الجهود بين القادة المسلمين، وربما بلادنا الآن تحتاج الى ذلك اكثر من اي وقت مضى اما مدى التغييير، فاتمنى ان يخرجوا عن هذه القمة الاسلامية بوثيقة تتضمن رؤية واضحة ودقيقة لآفاق مستقبلية ووضع التصورات والحلول بصورة شجاعة للتعامل مع هذه القضايا, بشكل غير قابل للانطواء تحت مسميات دعائية. وبخصوص أمنياتها من القمة تقول الربيعي : أتمنى أن لا تخلط ملفات القمة بعضها ببعض ، والابتعاد عن الرمي بالتهم والأباطيل كما يحصل في اكثر لقاءاتهم السابقة ، والتي كانت عبارة عن تفريغ شحنات الصدور المكبوتة ، اتمنى ان يكونوا على قدر من المسئولية تجاه الموقف ، وان يدعوا كقادة مجالاً للتفكير بمنطق الخلاص من التراشقات الى الاهتمام الجدي ووقفة حاسمة وحازمة لما يجري في بلداننا من تدمير. لابد من التجرد من أي أجندة مسبقة وان لايقود الخلاف الفقهي بين اهم طرفين في الاسلام لتوصيف هذا العداء مما يدعو الى مناحرات معروفة ، واستحضار الخلفيات الثقافية والتاريخية والإيدلوجية المتعلقة بنهضة داعية الى التغيير، والتخلص من خلفيات يجاهد البعض في طمسها في ضلالة، عليهم تجاوزها، الى التجرد البحثي والحيادية العلمية في التوصيات والقرارات التي تقضى البحث عن الأسباب كلها وفق المعطيات والدلائل للوصول لنتيجة صحيحة واستقراء سليم للأحداث والوقائع المستقبلية توقعات وآمال من جانبه عبّر الشاعر السعودي «الحفظي الشهري» عن الكثير من التوقعات والآمال التي تحدوه بشأن هذه القمة الإسلامية الكبرى قائلاً : أتوقع أن تدعو القمة كافة الدول الإسلامية إلى نبذ أسباب الفرقة والتشرذم والوقوف صفاً واحداً أمام التكتلات العالمية فما من سبيل لنا كمسلمين إلا باتباع النهج الرباني الذي يدعونا إلى عبادته وحده والسعي إلى الوحدة الإسلامية تحقيقاً لما ورد في الآية القرآنية (وأنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) . وبخصوص الملفات التي تعقد من أجلها القمة يقول الشهري: أتوقع أن القمة ستسعى جاهدة إلى استصدار قرار يتبناه الجميع دون استثناء بما في ذلك إيران يدين النظام السوري ويدعوه إلى التنحي عن السلطة في أسرع وقت والدعوة إلى الوقوف مع المعارضة السورية ودعمها بالمال والسلاح لمواجهة عنف النظام والإطاحة به مع دعوة كافة الأطراف السورية المعارضة إلى توحيد صفوفهم لتحقيق النصر بإذن الله تعالى، وكذلك تبني موقف إسلامي موحد في مواجهة الأطماع (الشيوعية) الروسية والصينية في المنطقة، وإرسال مساعدات غذائية وعلاجية عاجلة للشعب السوري الذي يواجه محنة إنسانية كبرى، ودعوة الفصائل الفلسطينية المتنازعة على السلطة إلى توحيد صفوفهم لمواجهة عدوهم الموحد (إسرائيل) ودعم السلطة الفلسطينية وتقويتها لتمكينها من القيام بدورها في المطالبة بالحق الفلسطيني المغتصب أمام العالم . ميانمار وإيران ويضيف الشهري مقرراً أنه ينبغي على المشاركين في هذه القمة تبني موقف إسلامي موحد يدعو إلى إدانة الجماعات البوذية المتطرفة والضغط على الحكومة البورمية ودعوتها إلى حماية المسلمين وكفالة حقوقهم في العيش بسلام على أرضهم، إرسال مساعدات عاجلة للمسلمين المنكوبين في مانيمار للتخفيف من معاناتهم. وحول دعوة إيران واستجابتها لهذه القمة يقول الشهري: دعوة إيران لحضور القمة الإسلامية في مكة فهذا يعد أمراً طبيعياً باعتبار إيران دولة إسلامية تمثل ثقلاً سياسياً ودينياً في المنطقة، ودعوة خادم الحرمين الشريفين الرئيس أحمدي نجاد لحضور المؤتمر يؤكد رغبة الملك عبدالله في لم شمل المسلمين بمختلف توجهاتهم ودعوة إيران إلى طاولة الحوار وهذا سيظهر إلى حدٍ كبير نوايا إيران ورغبتها من عدمها في هذه الوحدة المأمولة، كما إن ذلك سيضعها أمام محك حقيقي إما أن تمضي في سبيل الوحدة والبعد عما يعكر صفوها وإما أن تشذ عن الوحدة وهذا سيحرجها كثيراً أمام الدول الإسلامية الراغبة في لم الشمل أما فيما يتعلق باستجابة الرئيس الإيراني للدعوة فهذه فرصة لن تضيعها إيران على نفسها حتى تكون في الحدث فقمة كهذه تعني إيران كثيراً ومن الطبيعي تواجد إيران فيها .