الوضع الاقتصادي للمجتمعات يحدّد الى حد كبير مدى سلامة النظريات والتطبيقات الاقتصادية التي تم اعتمادها للوصول الى حالة الرفاهية الاجتماعية، ليس باعتبارها مجرد طموح أو هدف أو حتى غاية وإنما وضع طبيعي لأي سياسات تقوم بها تلك المجتمعات للوصول الى تلك الرفاهية، وذلك ما ذهب إليه كثير من أفكار رأس المال في النظم الرأسمالية المعاصرة التي تسيطر على مسارات الاقتصاد الحديث على نحو ما قرره آدم سميث من تعزيز لمبادئ الليبرالية الاقتصادية في مفاصل الاقتصاد العالمي، قطريًا أو أمميًا، بما يسمح للمجتمعات بالوصول الى الرفاهية الاجتماعية. غير أنه رغم النزوع والاتجاه الى تلك الرفاهية إلا أن المجتمعات ليست متساوية من حيث الدخل الفردي، ومن واقع متغيّرات الظروف الاقتصادية المعاصرة والأزمة المالية العالمية تضررت طبقات المجتمعات الثلاث بشكل عام، العليا «الارستقراطية» والوسطى والدنيا «البروليتاريا» وأخطر حالات الانهيار التي يمكن أن تهدد أي مجتمع هو أن تتآكل الطبقة الوسطى لأنها التي تعرف أنها العمود الفقري للمجتمع وأكثر الطبقات حشودًا وكثافة، وهي طبقة تعرّضت لضغط اقتصادي كبير في كثير من المجتمعات، وفي السعودية تشير بعض التقارير والإحصائيات الى أن هذه الطبقة تمر ّبأزمة خطيرة جدًا جراء تراكمات من الانهيارات الاقتصادية التي مرّت بها وذلك راجع إلى أن أموال هذه الطبقة قد ذهبت في سوق الأسهم سنة 2006 بالإضافة إلى المساهمات العقارية الوهمية التي ذهبت بمدخرات الكثيرين، عدا أن عدد العاطلين عن العمل قد بلغ 448 ألفًا و547 والغالبية منهم متعلمون، ونسبة العاطلين من الإناث أكثر بكثير من الذكور. في العام الماضي انطلق برنامج «حافز» للعاطلين عن العمل، وهو بمنظوري منحة مؤقتة لا تسمن أو تغني من جوع لأن اعتياد الفرد على مصدر مالي ثم انقطاعه عملية متعبة نفسيًا، وهذا البرنامج هنا حلّ أزمة، وجاء بأخرى خاصة إذا وجدنا أن أكثر الحاصلين على هذه المعونة من الإناث اللائي مضى على تخرج بعضهن سنوات طويلة وهن يسعين جاهدات للحصول على وظيفة دون جدوى. في العام الماضي انطلق برنامج «حافز» للعاطلين عن العمل، وهو بمنظوري منحة مؤقتة لا تسمن أو تغني من جوع لأن اعتياد الفرد على مصدر مالي ثم انقطاعه عملية متعبة نفسيًا، وهذا البرنامج هنا حلّ أزمة، وجاء بأخرى خاصة إذا وجدنا أن أكثر الحاصلين على هذه المعونة من الإناث اللائي مضى على تخرج بعضهن سنوات طويلة وهن يسعين جاهدات للحصول على وظيفة دون جدوى وحتى الوظائف التي طرحت لم تكن مما تصبو إليها طموحات هذه الفئة. بالإضافة الى ذلك فإن تحديد الفئة العمرية من سن العشرين حتى الخامسة والثلاثين حرم فئة كبيرة من الخريجين العاطلين الذين تجاوزوا هذه الفئة العمرية، والمؤلم حقًا وجود فئة لا يستهان بها من السعوديات يعانين الأمية الحديثة حيث لم يتسن لهن إكمال دراستهن المدرسية أو حتى الجامعية سواء كان ذلك لطبيعة المجتمع أو الزواج المبكر وتراكم المسؤوليات عليهن مما جعل هذه الفئة مضطهدة على كافة المستويات فلا مصدر مالي فردي ولا حصة تعليمية جيدة، وبعضهن يشعرن بالمهانة حتى أمام أزواجهن، وقد استبشرت خيرًا منذ أيام و أنا أقرأ خبرًا عن قيام أحد علماء الدين مشكورًا وهو الشيخ عبدالعزيز عرب بطلب تقدّم به لمجلس الشورى بتخصيص مبلغ مالي لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال لكل امرأة سعودية تحمل لقب ربة منزل، وذلك لقاء ما تقوم به من عمل حقيقي في بيتها من تربية الأبناء والقيام على الزوج وشؤون الأسرة، وذكر رجل الدين أن رغبة المرأة للعمل مسألة راجعة لها، في تصوّري أن مثل هذه المقترحات لو ترجمت الى قرارات فستسهم في تماسك البنية الاجتماعية والحفاظ على الطبقة الوسطى التي تسند كل فرد، وتحفظ تماسك الأسرة، وأتمنى أن يدرس مقترح الشيخ عرب في الشورى ويحال الى مجلس الوزراء ليتبلور الى قرار تاريخي بحق الأسرة والمجتمع. Twitter:@sukinameshekhis