أكد وكيل جهاز أمن الدولة المصري السابق اللواء فؤاد علام أنه لا يخشى من قيام الاخوان بتصفية حساباتهم معه بعد وصولهم للسلطة وقال: لا توجد خصومة بينه وبين الجماعة وأبدى علام اطمئنانا مشوبا ببعض القلق لرئيس مصر الجديد، مؤكدا أنه لو سيطرت جماعة الإخوان على القصر الجمهوري فستحدث كارثة. وبحسه الأمنى حلل اللواء فؤاد علام المشهد السياسي الداخلي المصري والعربي، مؤكدا استحالة تصدير المصريين لثورتهم لأى دولة عربية أخرى، وطالب الرئيس المصري الجديد فى حواره الخاص مع « اليوم « بضرورة طمأنة العالم العربى ليس بالكلام فقط وإنما بعمل زيارات دولية للتأكيد على حسن النوايا وإزالة أية حساسيات موجودة بين مصر وشقيقاتها فى هذا الصدد. واعترف اللواء فؤاد علام بوجود تجاوزات وأخطاء لجهاز أمن الدولة المصري، مؤكدا فى نفس الوقت أن ما تعرض له الجهاز من هجوم كان سببا لما تواجهه مصر من مشاكل أمنية غير مسبوقة منذ 80 سنة. يذكر أن اللواء فؤاد علام كان الوكيل السابق لجهاز أمن الدولة – أخطر الاجهزة الامنية المصرية - وعاصر جميع رؤساء مصر ويعد من أشهر الوجوه الامنية المعروفة بتاريخ حافل وبمعارك ساخنة مع الجماعات الدينية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين ونسب اليه البعض مسئولية القيام بأعمال تعذيب كبيرة خاصة عندما كان قائد سجن استقبال طرة فى أعقاب اغتيال الرئيس السادات، حيث اتهمه الاخوان بتعذيب وقتل القيادى البارز فى الجماعة كمال السنانيرى، بينما نفى علام التهمة، مؤكدا انه مات منتحرا ! ولا شك في ان الواقع المصري الحالى وما تمر به المنطقة من تغيرات جعل الحديث مع رجل أمن سابق بهذا الجهاز الحساس أمرا مهما لما يتضمنه من رؤى مختلفة ذات بعد أمنى قد تكون غائبة عن المشهد الحالى خاصة لو كان شاهدا على فترات حكم كل رؤساء مصر السابقين ومن هذا المنطلق التقينا به وكان معه هذا الحوار : منعطف خطير بداية كيف ترى المشهد السياسي المصري الحالي بعين رجل أمن الدولة وحسه المخابراتي ؟ لا شك في أن مصر فى منعطف نتمنى عبوره بسلام إلى بر الأمان، فالظروف غاية فى الصعوبة والأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية كلها فى حالة اضطراب ونأمل بعد اجتيازنا العملية الانتخابية وتولي رئيس لمصر لأول مرة بطريقة شفافة وفيها قدر كبير من الديمقراطية ان تكون الخطوة الأولى فى طريق العبور لبر الأمان ولن يتحقق ذلك إلا بأن نتحد جميعا ونتعاون بدءا برئيس الجمهورية وانتهاء برجل الشارع العادى، ولسنا بحاجة أبدا لصراع القوى السياسية الذى نراه على الساحة حاليا دون مبرر وأناشدهم جميعا أن نتعاون مع بعضنا من أجل عبور هذه المرحلة الخطيرة لأننا إذا لم نقدم كلنا تنازلات لنتوافق جميعا فى المرحلة المقبلة فستكون هناك مشاكل ضخمة جدا، بداية لابد أن نؤمن بضرورة الالتزام بالقانون والدستور. وعلى المستوى الاقتصادى لابد أن نعيش حالة انكماش ونتحمل سياسة اقتصادية بها تقشف شديد بداية من الفرد والأسرة إلى المجتمع والحكومة والدولة. يبدو الأمر وكأنك توجه اتهاما للقوى السياسية ؟ لأن الصراع الذى تقوده الحركات والقوى السياسية تسبب للأسف الشديد في كثير من الأزمات فى مصر، بجانب بعض الأخلاقيات التى دخلت علينا ولا تتفق مع تاريخنا ولا حضارتنا ولا مبادئنا، وقد حضرت حربي 1967 و 1973 وما لا أنساه أبدا أنه لم تسجل جريمة سرقة واحدة خلال تلك الأيام العصيبة التى مرت بها مصر وكان المصريون جميعهم يتضامنون مع بعضهم وهو أمر مختلف عما رأيناه فى الفترة الأخيرة. لقد توقعت وصول الإخوان لحكم مصر وكنت متأكدا من ذلك ووصفت ملامح هذا الأمر فى أحد كتبى وقلت : إن التغيير قادم وتوقعت الثورة نفسها وحددت موعدها في شهر مايو من عام 2011 باعتباره الموعد المحدد لإعلان توريث جمال مبارك وكنت متأكدا من أن القوات المسلحة هم من يقومون بالثورة ضد مبارك ولكن كانت المفاجأة بالنسبة لي أن الشباب هم من قاموا بها. ما قبل مبارك ما السبب في اعتقادك ؟ يرجع إلى ظروف كثيرة جدا مررنا بها على مدى السنين خلت من الاهتمام بالقيم المجتمعية وعلى رأسها التعليم. هل هي إفرازات لنظام مبارك ؟ ربما ترجع لما قبل مبارك وتحديدا منذ الأيام الأخيرة فى حكم عبد الناصر ، حيث لم تكن هناك اهتمامات بالأوضاع الداخلية خاصة من ناحية القيم والمبادئ خاصة منذ هزيمة 1967 ، فالشعب المصري كان مؤهلا لاستقبال النصر وثقته كانت كبيرة فى قيادته وقواته المسلحة وللأسف حدثت صدمة عنيفة جدا للمصريين بنكسة 67 وكانت بداية الانهيار الأخلاقي في مصر والتمزق النفسي الذي أفرز كل أنواع السلوكيات الشاردة وظهور مجموعات التطرف والإرهاب، ثم تعرض المصريون لصدمة أخرى بعد مجد الانتصار ونشوته فى 1973 ، حيث اتخذت سياسات ضد القناعات الراسخة فى نفوس المصريين وعلى رأسها اتفاقية السلام مع إسرائيل لأن الشعب المصرى من داخله كان كارها تماما لإسرائيل وللصهيونية، لكن الرئيس السادات لأسباب خاصة اتخذ الاتجاه الآخر فكانت كامب ديفيد الانكسار النفسي الثاني في نفوس المصريين وكان نتيجة ذلك زيادة حدة التطرف الذى راح ضحيته الرئيس السادات نفسه. هل معنى ذلك تبرئة مبارك من أخطاء المرحلة الحالية ؟ بالطبع هو مشارك فى المسئولية خاصة أنه عندما جاء للحكم لم يتنبه لذلك الواقع أو لم يكن يمتلك الخبرة السياسية الكافية للتعامل معه، وإن كانت الفترة الأولى من حكمه جيدة ربما لأنه فى بداية المشوار كان معاونوه على مستوى طيب خاصة خلال السنوات الأربع الأولى ما ساعده على عبورها بنجاح، لكن للأسف حدثت بعد ذلك تغيرات كاملة. مشاكل مصر الخطيرة ما أهم المشاكل التى تواجه رئيس مصر حاليا ؟ المشكلة الاقتصادية فهي غاية في الخطورة وإذا لم نتضافر جميعا للعبور من الوضع الاقتصادى الخطير فى مصر فستكون مشكلة ضخمة. هل تؤيد من يتهمون فترة ما بعد الثورة فى مصر بمسئوليتها عن أزماتنا الاقتصادية وفى إيجاد نوع من الفوضى بسبب الفراغ السياسي ؟ لا شك في أن السياسة الاقتصادية الصحيحة لم تكن موجودة وزاد عليها ما استجد بعد ثورة 25 يناير من تراجع فى السياحة والاستثمارات، ناهيك عن هروب رؤوس الأموال المصرية والأجنبية وكمية النقد الأجنبي الذي خرج من مصر بعد الثورة شئ مخيف. من المسئول عن ذلك ؟ أليست مسئولية الأمن بالدرجة الأولى ؟ لا يوجد أحد بعينه مسئول، بل كلنا مسئولون عما حدث، فالسيطرة على الأمور كانت مستحيلة دون تعاوننا جميعا وأعتقد أن القوى السياسية المصرية تتحمل مسئولية تاريخية عن ذلك ويوما ما ستحاسب عليها حسابا عسيرا، لأنها من أسباب الصدام والحراك السياسي فى اتجاه خاطئ. هل تتهمهم جميعا أم فصيلا معينا منهم ؟ للأسف أنا لا أرى توجها محددا وأرى كل القوى السياسية تتصارع من أجل تحقيق مصالح مذهبية أو حزبية أو شخصية. وأين قوى الثورة على خريطة تلك الصراعات ؟ هذه هي المصيبة الكبرى، فرغم أن شباب الثورة واع وناضج على عكس ما يشيعون عنهم، إلا أنهم تعرضوا لسرقة الثورة منهم. أمن الدولة لكن ألا ترى أن الأمن متهم بالتقصير فى دوره ومسئول عما يحدث في مصر ؟ الأمن وحده لا يستطيع ان يفعل شيئا فعندما يكون الوضع السياسي غامضا ويتحرك في اتجاه خاطئ وزاد التفسخ الاجتماعى قل دور الأمن وفقد تأثيره وكلما كان الأداء السياسي راقيا كان للأمن دوره الفعال بدليل أن ثورة 25 يناير قامت في ظل قبضة أمنية حديدية، لكن الخلل كان فى الأداء السياسي ففقد الأمن تأثيره، فالأمن منظومة متكاملة مع الوضع السياسي ويصعب تحقيق الأمن فى حالة عدم الاستقرار السياسي. بالمناسبة ما رأيك في جهاز أمن الدولة وما تعرض له من انتقادات واقتحام لمكاتبه ثم الحديث عن إعادة هيكلته وتغييره ؟ كان اقتحام مقر أمن الدولة خطأ كبيرا لأنه ذاكرة البلد التى كان من الممكن أن تستفيد منها أجيال قادمة بكل ما فيه من نجاحات وأخطاء أيضا، وأذكر أننا كنا نحتفظ بوثائق منذ عهد الاحتلال البريطاني لمصر وكانت لدينا تقارير سرية مكتوبة باللغة الإنجليزية مازلنا نحتفظ تعكس الحرص على الحفاظ على أرشيف أمن الدولة كذاكرة للأمة أمام التاريخ حتى لو كانت هذه الذاكرة تتضمن أخطاء للجهاز. في اعتقادك هل يمكن أن يكون رجالا من أمن الدولة هم من قاموا بحرق وثائقه لإخفاء ذلك الأرشيف بعيدا عن التاريخ ؟! أنا لا أعرف من هم الذين ارتكبوا هذا الخطأ الكبير، لكنهم لا يمكن أن يكونوا من الجهاز لأن من قام بذلك يجهل أن الجهاز مصون ووثائقه مسجلة على سيديهات موجودة فى عدة أماكن أخرى يمكن نسخها وطباعتها بسهولة لاسترجاع جميع المستندات، لكن بشكل عام الفكرة كانت خاطئة. ما سر كراهية المصريين لجهاز أمن الدولة ورجاله ؟ أعترف بأن هناك أخطاء وتجاوزات لجهاز أمن الدولة، لكن هذا لا يلغى أهمية هذا الجهاز الأمنى، ولا يمكن إنكار تاريخه ونجاحاته التى سيذكرها التاريخ يوما ما إلا أنه للأسف صور بغير حقيقته للرأي العام وتم تشويهه بشكل أساء إلى كل رجاله. هل تؤيد من يطالبون بإلغاء أمن الدولة ؟ بالطبع لا .. فهو جهاز حيوي ولا يمكن الاستغناء عنه والفترة التى تعرض فيها للاقتحام تأثر أداؤه ما انعكس سلبا على الأوضاع الأمنية فى مصر وظهرت أنماط من الجرائم لم نكن نعتدها مثل السطو المسلح وسرقة السيارات والتشكيلات العصابية الخطيرة، ناهينا عن العصابات الخطيرة والجماعات الإرهابية التى تهدد أمن سيناء وما تم من اختراق أمني خطير لم يحدث منذ 80 سنة وما شاهدناه من مقاومة لأقسام الشرطة بالأسلحة الثقيلة بشكل غاية فى الخطورة وهو ما كان ليحدث لولا تأثر جهاز أمن الدولة بعد عمليات الاقتحام التي حدثت له، وأعتقد أن المصريين أدركوا اليوم أهمية هذا الجهاز. هل تتوقع عودة الأمن سريعا بعد تولي الرئيس المصري الجديد ؟ مطلوب أولا إزالة الفجوة التى حدثت بين الشرطة والشعب، وأعتقد أن كلام الدكتور محمد مرسي رئيس مصر عن الشرطة ودورها وتوجيهه الشكر لهم إنما يعكس روحا مستقبلية طيبة وهناك مؤشرات إيجابية على أن الأمن بدأ يقف على قدميه من جديد. رئيس إخوانى! كمسئول كبير سابق في جهاز أمن الدولة المعني أساسا بمطاردة الجماعات الدينية خاصة الإخوان المسلمين ما شعورك تجاه وصول مرشح إخوانى لحكم مصر ؟! لقد توقعت وصول الإخوان لحكم مصر وكنت متأكدا من ذلك ووصفت ملامح هذا الأمر في أحد كتبي وقلت : إن التغيير قادم وتوقعت الثورة نفسها وحددت موعدها بشهر مايو من عام 2011 باعتباره الموعد المحدد لإعلان توريث جمال مبارك وكنت متأكدا من أن القوات المسلحة هم من يقومون بالثورة ضد مبارك، لكن كانت المفاجأة بالنسبة لي أن الشباب هم من قاموا بها. وهل تقبلت كضابط أمن دولة سابق فكرة وصول الإخوان لحكم مصر ؟ أنا توقعت ذلك أيضا وأدركت أن الإخوان هم من سيجني ثمار الثورة لأنهم الأكثر تنظيما واستعدادا لهذا الأمر. كما أنهم القوة الراسخة والملتحمة مع الشارع المصري فى الوقت الذي لا توجد فيه أحزاب مصرية قوية، حيث إنهم مشغولون بضرب بعضهم بعضا. بحسك الأمنى هل أنت قلق من وصول الإخوان للحكم حاليا ؟ بمعنى آخر هل هناك خطر أمني على مصر من حكمهم؟! لأيام قليلة كنت قلقا ومتوجسا من وصول الدكتور مرسي للحكم لكن مازال القلق وتفاءلت قليلا بعد أداء الرئيس المصري القسم أمام المحكمة الدستورية العليا لما فى ذلك من طمأنة بأنه سيحترم القانون والدستور ويطبق المبادئ الديمقراطية وهى الأسس الضرورية للدولة المدنية ومع ذلك تبقى الفترة المقبلة فى الميزان حتى يتبين ما يزيل قلقنا من الرئيس الجديد . تصفية حسابات متى نحكم على نجاح الدكتور مرسي في رأيك ؟ عندما يلتزم بالقانون وبحكم المحكمة بحل مجلس الشعب والجمعية التأسيسية وعندما نراه يعين حكومة وطنية من كافة الأطياف السياسية ولا يسيطر عليها فصيل بعينه ويضع يده فى أيادي كل المصريين عندها يكون نجح فى قيادة السفينة لبر الأمان. إذا كنت توقعت وصول الإخوان للحكم فهل تتوقع سيطرة الجماعة على قصر الرئاسة ؟ لو حدث ذلك ستكون كارثة لأن ال «13» مليونا الذين اختاروا الرئيس مرسي لم يكونوا كلهم من الإخوان، بل كان عدد كبير منهم من شباب الثورة وهؤلاء الشباب لن يسمحوا بانحراف مسار ثورتهم لتسيطر عليها جماعة الإخوان، ولن يسمحوا بوجود رئيس ديكتاتور . كما أن الدكتور مرسي نفسه رجل ذكي وأدرك منذ اللحظة الأولى أهمية الشعب فأصبح يتوجه إليه دائما ليستمد منه الشرعية، لأنه يدرك أنه هو الذي جاء به وهو الذي يمكن أن يسقطه. هل يخشى اللواء فؤاد علام من تصفية الحسابات بينه وبين الإخوان على أثر الخصومة القديمة مع رموزهم ؟ أبدا ! لا أخشى أحدا، وليس بيني وبين الإخوان خصومة فقد كنت أؤدي واجبي كرجل أمن وكل منا يؤدي الوظيفة التى يمارسها ومن يتجاوز يعاقب. قلق عربي كيف ترى أهمية البعد العربى في المشهد السياسي المصري الحالي ؟ لا شك في أن هناك دولا عربية لديها حساسية من الثورة المصرية وهم من كانوا على خلاف مع ثورة 23 يوليو المصرية أيضا، لكن يجب أن يعرف العرب أن الثورتين مختلفتين ويطمئنوا إلى أنه إذا كانت ثورة يوليو قام بها الجيش المصري وأيدها الشعب فإن ثورة يناير قام بها الشعب المصري وأيدها الجيش ومن ثم لا خوف منها على الدول العربية ومطمئن تماما إلى أن مصر لن تصدر الثورة وهو ما أكد عليه الدكتور مرسي فى خطابه يوم تنصيبه ، لكن الكلام ليس كافيا وأرى أنه يجب على الرئيس المصري أن يبعث رسائل طمأنة عملية من خلال زيارات لدول عربية وأجنبية أيضا يؤكد فيها على هذه المعاني.