لا تنتهي مسابقة أو مهرجان في عالم الفن والثقافة، دون أن تثار مسألة التحكيم وأحقية الفائزين بجوائزهم، وتظهر بشكل أكبر في مهرجانات المسرح العربية، فالجدل الذي يمضي بعيدا عن التفاصيل الفنية يبدأ منذ اعتلاء لجان التحكيم المنصة لإعلان النتائج ولا تنتهي إلا على صفحات الجرائد أو في الوسائل الإعلامية المختلفة. وكان آخر ما شهدناه من هذا القبيل ما رشح عن نتائج مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة الذي أختتم مؤخرا في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، خاصة بعد استبعاد مسرحية «مريم وتعود الحكاية» لتجاوزها شرط مدة العرض من شروط المشاركة في المهرجان، وهو العرض الذي كان الأكثر إدهاشا ومتعة على مستوى عروض المهرجان. نتائج المهرجان جاءت خارجة عن توقع الجمهور الذي تابع عروضه التي لم تقدم ما يلفت، حيث خضعت لتحكيم لجنة التحكيم التي شكلت من أصحاب خبرة، مع خروج العرض المذكور خارج حسابات التحكيم، ويُظن أنه كان الأجدر بجوائز عديدة من جوائز المهرجان، فقد كان العرض الأفضل على مستوى الاشتغال المسرحي، وتكاملية عناصره المسرحية، حين يصل الأمر إلى التشكيك بمهنية المحكمين، ونياتهم، والتشكيك حتى في قدرتهم وإمكاناتهم في قراءة العروض المسرحية، فإننا أمام مأزق أخلاقي..ورغم بعض الهنات التي شابته إلا أنه أثبت موهبة مخرجه وممثليه وقبلهم كاتبه، إلا أن تجاوزهم للزمن المحدد من قبل اللجنة المنظمة حرمهم من الجوائز، رغم أن العرض كان أكثر ما يحتاج إليه، هو تشذيبه وبالتالي تقليص زمنه، ليحقق متعة أكثر وجدارة للحصول على جوائز مستحقة. لجنة التحكيم لم تخطىء حين استبعدت العرض، لأن النظام لا بد أن يطبق على الجميع بغض النظر عن نوعية ما يقدمه هذا العرض أو ذاك، فالمحكمون ملتزمون بنظام اللجنة المنظمة ولا يمكنهم تخطيه، وإن اختلفنا معهم. وأجد أن قرارات اللجنة كانت اختبارا حقيقيا لأخلاقيات العمل المسرحي، وأخلاقيات المسرحيين، ومستوى الوعي الذي يملكونه، فحين يصل الأمر إلى التشكيك بمهنية المحكمين، ونياتهم، والتشكيك حتى في قدرتهم وإمكاناتهم في قراءة العروض المسرحية، فإننا أمام مأزق أخلاقي، فالجدل الذي دار شفويا أو ما تواردته مواقع التواصل الاجتماعي أو المنتديات حول التحكيم، ينبىء عن قصور في أخلاقيات المسرح الذي أدعى أنه قادر على زرع الفضيلة، فهي أسمى وأجدى من إبداع شكلي.