نتابع وإياكم اليوم قصص أخرى لنزلاء دار الملاحظة بالدمام، .. قصص تجسد حجم الألم الذي يعيشه هؤلاء الشباب الصغار بسبب ارتكاب الخطأ .. وأي خطأ ؟!!، .. قصص يروي أصحابها حكايات أكبر من عمرها فيما يسرد أبطالها الأحداث في قالب من ندم، .. في هذه المادة عبر ومواعظ لأصحاب القلوب الحية، ودروس من تأليف شباب من مجتمعنا تعلموا درسا مهما في مدرسة الحياة، .. فإلى هناك : محطة للتأمل تجربة جديدة كما وصفها س. ع ومرحلة انتقالية يعيشها هذا النزيل الذي كان متحمساً للحديث ونقل تجربته وقصة الندم لكافة القراء، فعندما طلبنا من النزلاء التحدث عن تجاربهم للعظة والعبرة .. بادرنا هذا النزيل بالموافقة، وقال :» لدي الكثير من الكلام، وأود أن أنقله ليعرف الناس أن الحياة تجارب، والعاقل من أخذ العظة والعبرة منها»، .. س. ع الذي يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً حكى حكايته فقال :» لي في الدار أكثر من سنة ونصف، ولا أخفيكم سراً .. فقد كانت الدار بالنسبة إلي بمثابة محطة للوقوف والتأمل في واقعي الذي كنت أعيشه، وكيف أوصلني إلى هذا المكان، ولماذا أهملت نفسي واتبعت شهواتي ؟!!»، ويواصل النزيل حديثه فيقول :» الإنسان معرض للخطأ،خاصة في مرحلة حبه للاستكشاف، وهي مرحلة المراهقة، فهويريد أن يثبت وجوده، .. ولكن كيف يثبته ؟!!، فإما عن طريق الخير، وإلا عن طريق الشر، والأسرة تربي في كلا الطريقتين،أما دار الملاحظة الاجتماعية فهي من أهم المحاضن التي يجب أن تحوي المذنب، لأن برامجها تناسب تلك الفئة من الشباب، وتخاطب فيهم حماسهم، بل وتوجهه إلى الخير» صحبة الفساد وحول تجربته وأسبابها يقول س.ع :» من خلال تجربتي، أدركت أن قرناء السوء وصحبة الفساد هم الهادم الأول لكيان الفرد، بل ولكيان الأسرة بأكملها، وكم كنا نسمع من آبائنا ومعلمينا نصائح كثيرة تحذرنا من الانخراط مع صحبة السوء, وهنا شيء أود أن أقوله ألا وهو أن رفيق السوء هو أول من يتخلى عنك إذا ما تورطت، بل ربما يلبسك التهمة في سبيل أن يخرج هو منها، وهذا ما يعرفه الكثير من النزلاء هنا»، ويصمت النزيل س. ع . قليلاً ثم يواصل حديثه قائلاً :» كنا نسمع وما زلنا نسمع عن المثل الذي يقول « اسأل مجرب ولا تسأل طبيب «، ومن هنا فأنا أقول اسألوا مجرب قضى أكثر من سنة ونصف في هذه الدار، حيث إنه عندما تقع في خطأ فإن أول من يتهرب منك هم قرناء السوء، ولا أريد الخوض في أسباب دخولي إلى الدار، ولكني أحببت أن أجمع نصائح من تجربتي في دار الملاحظة وهي الأهم»، وعن البرامج التي استفاد منها يقول :» ولله الحمد والمنة، فإن إدارة الدار قد هيأت كل سبل الإصلاح هنا، وجعلت من الدار حقلاً لبدء حياة جديدة من خلال برامج التوعية والتوجيه المطروحة، وأشير هنا إلى العديد من الفعاليات المتنوعة والتي تقدمها الدار في خدمة النزيل، حتى بعد أن تنتهي محكوميته، وقد تعلمت من هذه البرامج طريقة صيانة الحاسب الآلي، وانهيت ولله الحمد دورة التبريد وتعلمت فن الطباعة وكيفية طباعة الشعارات على القمصان أو الأكواب وغيرها، كما تعلمت أساسيات الخط العربي، وكذلك استفدت من دورة المسرح» الوقوع في الخطأ نزيل آخر رفض الإفصاح عن اسمه تحدث حول تجربته التي قادته إلى الدار وأسبابها فقال :» من الخطر جداً أن يتبع الواحد منا هواه،وإذا وقع في الخطأ بدا وكأنه لا يعرف أن هذا خطأ، ضارباً بنصائح والديه عرض الحائط، ولا أحزن على النزيل من لحظة يستقبل فيها أمه أو أبيه في أوقات الزيارة فيذكّر انه بقولهما « ألم نقل لك ابتعد عن فلان وفلان ؟ ألم نقل لك انتبه أن يوقعوك في الخطأ ؟، وفي الواقع فإن الواحد منا يعتصر ندماً عندما يرى والديه وأسرته قادمة تزوره في كل أسبوع لا سيما إذا كان الوالدان كبيرين في السن!، وعلى كل حال فالحياة مدرسة، ولا بد أن نتعلم من أخطائنا وعلى رأسها الابتعاد عن رفقاء السوء وعدم مجاملتهم، لأننا شباب نستحي من قول كلمة الحق، والواحد منا يخجل أن يردع زملاءه عن الخطأ حتى لا يوصف بأنه جبان، وتكون النتيجة أن يضبط الشاب في قضية تضيع عليه جزءاً من حياته، ناهيك عن المشاكل التي تحدث في الأسرة جراء مثل هذه القضية، وقد تعلمت شيئاً مهما من تجربتي ألا وهو ( لا تتوقع أن يحرص عليك أحد من الناس أكثر من والديك .. وإن قسوا عليك وإن ضربوك ) « مهرب مخدرات أما الشاب حسين 19 عاما فقد ارتكب خطأ كبيرا عن سابقيه، وتحدث حسين حول قضيته بكل صراحة فقال :»دخلت الدار منذ ما يقارب سنة وسبعة أشهر، وذلك في قضية تهريب المخدرات، ولا أحد يشك أن هذه الأمور لا تأتي إلا بسبب الارتباط برفقاء السوء فهم من يوقعونك في المصيبة ثم يتخلون عنك فور انكشاف أمرك»، وبصوت يملؤه الحزن ونبرة تخنقها دموع الندم يقول حسين :» لم أكن أتوقع أن أقضي أيامي في الدار، لأني كنت أسمع عن الدار أنها محضن لأصحاب القضايا، والآن أتحدث بكل حرقة وألم وأنا بداخلها، ولم ولن يستمع إلي الآن أي رفيق كان يصاحبني سابقا، وهذه هي صحبة السوء التي يقولون عنها أنها تسعى لإيقاعك في المصيبة ثم تتهرب منك وتتركك تصارع الهم والحزن والندم وحدك»، وبتفاؤل هذه المرة يتحدث حسين قائلاً :» بإذن الله تعالى سوف أعود بعد قضاء المدة شاباً صالحاً في المجتمع، بعيداً كل البعد عن هذه التجارب المؤلمة، ولقد استفدت من خلال برامج الدار الكثير والكثير،خاصة برنامج حياة جديدة الذي فعلاً يمثل نقلة نوعية لأي شاب مذنب يريد التوبة وتغيير مسار حياته «. سطو مسلح سطو مسلح وسلسلة من التجارب المريرة يرويها لنا الشاب علي، يقول علي :» كنت في بداية حياتي مثل أي شاب مراهق يهوى اكتشاف الجديد والمثير، ومن خلال رفقة سوء كانت تستخدمني في الباطل ..كانت بداية المأساة،إذ سطونا على إحدى المحلات أنا وعدد من زملائي لسرقة محتوياته وذلك تحت تهديد السلاح الناري، ولكن كنا في غفلة تامة عن أن هذا الطريق هو عين الحرام وقمة الاستهتار بالأمن وفيه قهر للرجال الذين سطونا عليهم وسرقنا محتويات محلاتهم، وفي غضون ساعة واحدة تمكنت قوات الأمن من الإطاحة بنا،ولا مفر عندئذ إلا إلى الله الذي ابتعدنا عنه كثيراً في فترة طيشنا»، ويتابع علي سرد مأساته قائلاً :» لي الآن قرابة الثلاثة أشهر في دار الملاحظة، وإنني أحمّل نفسي ورفقاء السوء كل نتائج جهلنا، ولا أخفيكم أنني حاولت الانتحار كي أخلص نفسي من العذاب الذي أعيشه، فقد كنا نظن أن الشجاعة في سرقة أو سطو مسلح أو استيلاء على مال دون وجه حق، ولكن أدركت أن هذه هي التفاهة بعينها، فقد كلفت نفسي وأسرتي المتاعب والأحزان، ولم أستفد سوى الندم وتأنيب الضمير، ناهيك عن السمعة السيئة التي لحقت بي وبأسرتي «