تتجه الأنظار في الجزائر هذه الأيام إلى المسيرة السلمية التي تصّر ما بات يعرف ب «تنسيقية قوى التغيير» تنظيمها بالعاصمة الجزائر يوم 12 فبراير الجاري رغم تحذيرات السلطات المختصة و إقرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا في آخر مجلس للوزراء أن المسيرات و المظاهرات في عاصمة البلاد «ما تزال ممنوعة» لأسباب قال إنها « معروفة و لها صلة بالنظام العام وليس للحد من حرية التعبير». واستنكر أمس بوجمعة غشير و هو واحد من أبرز النشطاء الحقوقيون المعروفين في الجزائر بفضل هيئته « الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان « التي قررت مقاطعة مسيرة السبت بسبب مشاركة أحزاب سياسية فيها ، استنكر في اتصال هاتفي أجرته معه «الرياض» إصرار التنسيقية على النزول إلى الشارع رغم التحذيرات الشديدة التي وجهتها السلطات وما قد يترتب على هذا الإصرار من انزلا قات قد تقود إلى إراقة المزيد من الدماء . واعتبر غشير بوجمعة الذي أطلق ما أسماه « حملة التغيير « مستخدما شبكة الأنترنت ، أن الجزائر مرت بمراحل دموية منذ العام 1991 و لا يجب أن يكون التحول الديمقراطي المنشود عاملا آخر يؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء قائلا « أؤمن أن الثورات لا تستنسخ ، كما لا يمكن أن تنقل حرفيا عن ثورات سابقة لعامل الخصوصية التي تطبع كل مجتمع « داعيا الراغبين في الخروج إلى الشارع « و هو حق من الحقوق كما قال إلى تجنيب الجزائريين « حمامات الدم « معتبرا أن أهداف المسيرة المنشودة قد تحقق إعلامياً « خرج أصحابها أو لم يخرجوا إلى الشارع «. وحذر الحقوقي الجزائري من مغبة أن يتم استغلال المسيرة لإحداث المزيد من التأزيم ، و كشف بوجمعة غشير أن معلومات من نشطاء تابعين لهيئته تشير أن شبابا انتظموا في إطار لجان شعبية جوارية « لا لون سياسي لهم « يصرون على الانضمام إلى مسيرة السبت موضحا أن هؤلاء يريدون المشاركة « فقط للانتقام من أوضاعهم الاجتماعية « و هو ما قد يقود إلى الفوضى و المواجهة . و قلّل بوجمعة غشير من الأهمية التي قد تكتسيها ميدانيا مسيرة السبت نظرا للانقسامات الحاصلة داخل بيت « تنسيقية قوى التغيير « بعضها له علاقة بالتمثيل مثلما هو حاصل على مستوى التمثيل النقابي أو انضمام حركة العروش البربرية التي توصلت فيما مضى إلى اتفاق مع الحكومة الجزائرية و جلست معها حول مائدة واحدة ، و البعض الآخر يرتبط بجملة المطالب والشعارات التي يريد المنظمون رفعها و التي يتحفظ على بعضها المشاركون في المسيرة ، تحفظات قادت إلى انسحاب البعض مثلما فعل الحزب السياسي المعارض الأقدم في الجزائر « جبهة القوى الاشتراكية « لزعيمها المقيم اختياريا بجنيف السويسرية حسين آيت أحمد . وذكر بوجمعة غشير إن من بين المطالب المتحفظ عليها تلك التي تدعو إلى رحيل بوتفليقة و رحيل النظام الحالي فيما كان المطلب الرئيس هو رفع حالة الطوارئ التي يخضع لها الجزائريون منذ 19 عاما منذ إقرارها في 9 فبراير 1992 إلى جانب فتح المجال السياسي أمام قوى المعارضة و التعجيل في اتخاذ قرارات سياسية واجتماعية لتفادي الانفجار.