لو تأملنا جيداً مسيرة التطور الاقتصادي الذي شهدته المملكة العربية السعودية خصوصاً، وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام خلال السنوات القليلة الماضية، فسيتبين لنا أن صناع القرار في دولنا استطاعوا أن يتعاملوا بجدية وكفاءة مع مستجدات العولمة الاقتصادية، ومضت دول المجلس بخطوات جريئة وثابتة على طريق الإصلاح الاقتصادي، وتحسين بيئاتها الاستثمارية، ورفع مستويات التنافسية المحلية والعالمية، لكن تطورات عالمية طارئة شكلت عوامل معاكسة وربما معوقة، نثق في أنها مؤقتة وعابرة، وستتخلص اقتصاديات دولنا من تأثيراتها السلبية إن شاء الله . وأعتقد أن القمة الخليجية التي شهدتها الرياض مؤخرا ، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- جاءت في وقتها تماما، وقرأت ما يحاك ضدها من مخاطر ، تحتاج إلى وقفة اتحادية، تنسف ما يهدد أمنها العام وأمنها الاقتصادي بشكل خاص، ما يعني أن هذه القمة جاءت بالفعل في مرحلة مهمة من مراحل البناء الاقتصادي في ظل أزمة خلقت نوعا من التكتلات الاقتصادية على مستوى العالم، وتبحث عن حلول لأزماتها كان لابد لدول مجلس التعاون الخليجي أن تؤسس لانطلاق موجة جديدة من الانتعاش الاقتصادي القوية، ومحفزة بأسباب التحصن من الأزمات التي يعاني منها العالم الآن. ولذا فإن على دولنا أن تسرع في إطلاق الاتحاد الخليجي، حتى تواصل سياسات الإصلاح الاقتصادي، التي بدأتها وأن تسرع الخطى لتحسين بيئاتها الاستثمارية والنظامية ورفع مستوى التنافسية. وبالطبع ما شهدته القمة الخليجية من موقف موحد ومن بناء إرادة وثقة قوية للتحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد ، يستصحب ضرورة الاسراع في تنفيذ هذا الهدف النبيل، والذي بطبيعة الحال سيكون له ما بعده في سياسات اقتصادياتها، مما يمكنها أن تجني عوائد مالية ضخمة من مواردها النفطية، تبلغ ترليونات الدولارات، وتحقق فوائض مالية تقدر بالمليارات من الدولارات. وبالتأكيد فإن العزم على صناعة الاتحاد الخليجي وتوحيد العملة الخليجية وتوحيد السياسات الاقتصادية والتجارية والتي تدعمها سياسات الإصلاح الاقتصادي ، لهو أولى وأهم الخطوات التي تمهد الطريق إلى صناعة قوة اقتصادية خليجية تستعصى على كل المهددات بما فيها عوامل اقتصادية عالمية خارجية في معظمها، وتوترات سياسية وأمنية إقليمية وعالمية طرأت، بسبب تفجر الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تعد أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها العالم منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وألقت بظلالها السلبية على اقتصادات دولنا الخليجية، رغم أن تأثرها كان أقل سوءاً مما تعرضت له معظم الاقتصادات العالمية المتقدمة والنامية على السواء . ولذا فإن على دولنا أن تسرع في إطلاق الاتحاد الخليجي، حتى تواصل سياسات الإصلاح الاقتصادي، التي بدأتها وأن تسرع الخطى لتحسين بيئاتها الاستثمارية والنظامية ورفع مستوى التنافسية، وأن تمضي قدماً في بناء مشاريعها التنموية العملاقة، وتطوير البنية التحتية، وعلينا أن نكون جاهزين لمرحلة الانطلاق الاقتصادي التي تحدثها أولى مراحل الاتحاد الخليجي.