درست المرحلة الابتدائية في مدينة الرياض ومما أذكر حين كنت في الصف الثاني تقاعس معلمنا للرياضة عن توزيعنا لفريقين وترك الأمر برمته لنا، فكادت حصة الرياضة أن تضيع من بين أيدينا ونحن بين من يريد أن يكون كابتن الفريق وبين من يرفض وبين من يريد أن يلعب في نفس فريق فلان وبين من يبكي لتهميشه وهلمجرا من تجاذبات واختلافات ونزاعات لم يوقفها إلا اقتراح أحد ما من بيننا يتمثل في أن يتجمع من يشجع نادي الهلال في جهة ومن يشجع نادي النصر في جهة أخرى، وطبقاً لهذا التوزيع فقد كان أكثر من ثلثي الطلبة في جهة الهلال والثلث في جهة النصر . وافقنا جميعاً من أجل ان نبدأ اللعب و حتى لا تضيع الحصة، فلعبنا وكان هذا ديدننا طوال عام كامل دون أن نلتفت أن كل مباراة كنا نلعبها كانت معروفة نتيجتها سلفاً بحكم أن الكثرة تغلب الشجاعة و(الحريفة) . هذا التوزيع البسيط المضحك الذي أدى غرضه في أن نلعب دون أن يؤدي غرضه بأن نلعب باستمتاع وبتنافسية، كان طريقة تفكير في مرحلة الطفولة استمر للأسف معنا في حياتنا، حياة الكبار ولا يزال . ويبدو جلياً واضحاً في طريقة تلقينا واستقبالنا للأفكار . لا نرغب في اجهاد أنفسنا بالتفكير و اعمال عقلنا في مناقشة الأفكار المطروحة ونجد أن أسهل ما يمكن عمله هو وضع قوالب جاهزة تحتوي على انطباعات معينة سابقة، ومن رغبتنا الملحة بالراحة نبخل في تنويع هذه القوالب أو زيادة أعدادها.لا نرغب في اجهاد أنفسنا بالتفكير و اعمال عقلنا في مناقشة الأفكار المطروحة ونجد أن أسهل ما يمكن عمله هو وضع قوالب جاهزة تحتوي على انطباعات معينة سابقة، ومن رغبتنا الملحة بالراحة نبخل في تنويع هذه القوالب أو زيادة أعدادها. نصمم قالبا للإسلاميين نضع فيه كل ملتح ولو كان ماركس وقالبا آخر لليبراليين نضع فيه كل حليق حتى لو كان سيد قطب ونصبغ على كل قالب أوصافا معينة لا نقبل أبداً أن نناقشها، ونستمتع في وضع الأشخاص بهذه القوالب، فلا نتعب أنفسنا بمحاورة الآخرين ومناقشتهم في أفكارهم بل نسقطهم في هذه القوالب ونهاجمهم بناء لرؤيتنا لكل قالب، فنحاكم كل فرد بناء على المكان الذي وضع فيه، ونختلف معه ولو رأينا الصواب معه مادام من قالب صبغته بالأسود وجعلته قالباً مخالفاً لي . في مثال تصنيف المجتمع إلى إسلاميين وليبراليين سنجد أن الإسلاميين تيار عريض وأكبر من مجرد قالب يحتوي أفكارا جاهزة وموحدة، وحتى لو جئنا لليبراليين سنجد تباينات واختلافات كثيرة ترجع لرؤية كل فرد لمفهوم ومعنى الليبرالية . عملية التصنيف وممارستها ببساطة تنتج عنها أحكام ونتائج بسيطة، يذكر أن أحدهم قام بإدراج موضوع في منتدى لكاتب إسلامي مشهور ولكن قام بإزالة اسم الكاتب الشيخ ووضع اسم كاتب ليبرالي والعكس في موضوع آخر وهو إدراج موضوع لكاتب ليبرالي وتذييله باسم الكاتب الإسلامي المشهور ليجد أن كثيرا من القراء يتجاوب مع المقال نظراً لكاتبه فلمجرد أن كتب فلان مقالاً فهو مقال يحمل أفكارا ممتازة أو يحمل أفكارا سيئة دون النظر للأفكار وقيمتها ليعرف الحق بالرجال لا أن نعرف الحق فنعرف رجاله وأهله وهذا هو المطلوب . @mashi9a7