«تحقيقات هيئة الرقابة والتحقيق عن تدني نسب الإنجاز في مشاريع تصريف مياه السيول بمدينة جدة، حيث لم تتجاوز الصفر في بعض الحالات وكذلك تورّط ثلاثة مقاولين أسند إليهم عدد من المشروعات بمبالغ كبيرة ومنذ سنوات دون أن ترى النور..» يفتح هذا التحقيق والنتيجة إلى معضلة كبرى تواجه المملكة في المرحلة الراهنة وهي ما يتعلق بالتنمية واعتماد مليارات الريالات لتحقيق البنية الأساسية في مدن المملكة المختلفة وعجز قطاع المقاولات والإنشاءات عن القيام بتعهّدات المناقصات مما يؤشر إلى دلالة أن من يقومون بترسية هذه العقود المكلفة على شركات القطاع الخاص إنما هم مشاركون أو متواطئون نتيجة معرفتهم الحتمية بعدم قدرة هؤلاء المقاولين على إنجاز التعهّدات والمناقصات لأسباب كثيرة منها الطمع في المال العام واعتباره غنيمة في ظل غياب الرقابة الحقيقية من قبل الجهات الحكومية مثل الأمانات أو الوزارات المعنية حتى أننا في الأخير نلجأ إلى شركة مثل أرامكو لإنجاز هذه المهمة!! تدفق المال خلال الخمس السنوات الماضية لإنجاز المشاريع العالقة وتحديث البنية الأساسية لمدننا واقتصادنا لكن ما حدث أن هذا المال تحوّل إلى غنيمة في ظل عدم تطوّر القطاع الخاص وضعف التشريعات واللوائح النظامية وكذلك في ظل انعدام الضمير لدى بعض المسؤولين التنفيذيين مما أدى إلى بروز اختناقات في المدن وفوضى عارمة في حياة المواطنين والمقيمين في المملكة نتيجة عدم حسم الأمور من قبل الجهات المعنية وبطء تحقيق العدالة. تحقيق البنية الأساسية في مدن المملكة المختلفة وعجز قطاع المقاولات والإنشاءات عن القيام بتعهّدات المناقصاتهل وصل الحال بنا إلى العجز عن إنشاء شبكة طرق ذات مواصفات عالية وعجزنا عن تنفيذ شبكة صرف صحي للسيول في مدينة مثل جدة أو حتى بناء وحدات سكنية عالية الجودة لذوي الدخل المحدود نتيجة ترهّل القطاع الخاص وجشعه في تحقيق الأرباح الخيالية على حساب الوطن والمواطنين؟ هل بلغ بنا الحال لأن نقف عاجزين عن إيجاد الحلول المناسبة لزحمة المرور وضيق الشوارع والطرق؟ كذلك عجزنا عن بناء مدارس مواكبة للعصر تليق بطلابنا وطالباتنا؟ حتى على مستوى البنية التحتية لشبكة الاتصالات والانترنت نبدو متخلفين قياساً بدول مثل دبي أو ماليزيا؟! حتى أننا نتساءل: هل هناك بالفعل جهاز اسمه التخطيط يضع خططنا المستقبلية ويدرس تطوّر احتياجات مدننا وأولادنا وشوارعنا وجامعاتنا.. إنها مسألة تحتاج إلى حسم في خياراتنا التنموية ودون أن تكون هناك أهداف واضحة سنبقى عرضة للعشوائية والتلاعب من قبل ضعاف النفوس والذين يعتبرون المال العام غنيمة يتدافعون للفوز بها دون رادع أو ضمير.