رغم المعاناة الجسدية والنفسية من (فيروس الإيدز) الذي ينخر في أجسادهم .. إلا أنهم مازالوا متمسكين بالحياة والأمل، كما أنهم مؤمنون وراضون بما كتب الله تعالى لهم .. وعازمون في الوقت ذاته على مواجهة المرض بالابتسامة واليأس بالتحدي، .. فضلا عن تطلعاتهم إلى الزواج والعيش المشترك في منزل يجمعهم تحت سقف واحد، .. ولم يخل الأمل من إنجاب أطفال سليمين، فيما تحدوهم الأماني لأن تتغير نظرة المجتمع تجاههم، وأن يعيشوا حياة هانئة وهادئة بعيداً عن عيون الخوف والشفقة التي تطاردهم في كل مكان، .. ورغم إصابتهم بهذا المرض القاتل .. إلا أنهم استطاعوا أن يهزموا الخوف والقلق داخل أنفسهم، وبالتالي قرروا أن يعيشوا حياتهم مثل الأصحاء تماما بكل تفاصيلها، في هذه المادة .. قصص واقعية من حياة أفراد من مجتمعنا يعيشون على شفير الموت، بينما تملأ قلوبهم حياة الأمل ونظرة التفاؤل في تشكيل حياة زوجية جديدة .. فإلى حكايات واقعية لمصابين بمرض الإيدز .. رغبة الزواج في البداية يقول المواطن (سعد) المصاب بمرض الإيدز : «اكتشفت المرض بعد أن عرفت أن زوجتي السابقة رحمها الله مصابة بالإيدز، فواضبت على العلاج بعد مراجعتي لمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض من خلال قسم الأمراض المعدية، وشعرت عندئذ أنني إنسان طبيعي وأتمتع بالصحة والعافية، لذا قررت أن ارتبط بامرأة تشاركني الأيام المتبقية من عمري، وقد عرضت الفكرة على المسئولين في العيادة للبحث عن زوجة مصابة بالمرض، ووجدت ولله الحمد الزوجة المناسبة، وبعد استشارة الطبيب المعالج ومساعدة الاطباء تم الزواج ورزقت ولله الحمد بطفلتين سليمتين، لذا أدعو كل المرضى المصابين بالإيدز أن يحذوا حذوي بالزواج وبناء حياة زوجية سعيدة». حياة جديدة وفي ذات السياق تتحدث (إيمان) عن تجربتها مع المرض فتقول : «أحمل مرض الإيدز منذ ولادتي، وقررت الرضا بكل ما كتب الله لي، وأن أرضى بالقدر خيره وشره، ثم أنني عولجت في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، واستمررت على الدواء في مواعيده، مما ساهم في أن أعيش حياة مستقرة وطبيعية، وشعرت بعد ذلك أني بحاجة إلى أن أتزوج وأعيش حياة جديدة، فمرض الإيدز مثله مثل باقي الأمراض المزمنة الأخرى، ولا يفترض للمصابين بهذا المرض أن يعطوا الأمور أكبر من حجمها، كما يفترض أن يعيشوا حياة طبيعية يملؤها الحب والتفاؤل وعدم الاستسلام لليأس والقنوط، ذلك لأن الحياة والموت بيد الله سبحانه وتعالى». دعم المجتمع أبو محمد أصيب بمرض الإيدز منذ عام 1428ه، وعن تجربته مع المرض يقول : «لا أعرف كيف انتقل إلي المرض، ولكن عرفت بأني مصاب بعد أن أخبرني الاطباء عند رغبتي في إجراء عملية جراحية في الجيوب الأنفية، وفوجئت بالخبر في البداية إذ نزل علي كالصاعقة، وتأثرت نفسياً .. ولكن الذي خفف من آلامي هو أن زوجتي وأبنائي لم ينتقل لهم المرض، وبدأت مرحلة العلاج في مستشفى الملك سعود بجدة، وبعد فترة من الزمن قررت أن أتزوج وأعيش حياة أسرية جديدة بعد أن انفصلت عن زوجتي السابقة، فقمت بالتنسيق مع الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز بجدة ومستشفى الملك سعود، وبذلوا جهوداً طيبة ومباركة في إيجاد زوجة تحمل نفس المرض، وقد تزوجنا منذ عدة أيام وأمورنا مستقرة ولله الحمد». نشر الوعي أم محمد كذلك مصابة بمرض الإيدز، وتقول : «ليس المرض نهاية الدنيا، فهو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وقد عرفت باصابتي بالمرض بعد تحليل دم أجريته لغرض إجراء عملية الولادة، وفي بداية الأمر أصبت بحالة نفسية سيئة، وقد ادى ذلك إلى انفصالي عن زوجي السابق الذي لم ينتقل إليه المرض، ثم قررت أن أتزوج مرة أخرى بشخص يحمل نفس المرض، وبالفعل تم التنسيق مع الأخصائية بمستشفى الملك سعود الدكتورة ليلى، حيث تم البحث عن عريس، وتم ايجاد الشخص المناسب ولله الحمد، وقد تعايشت مع المرض فأنا أعمل الآن في القطاع الأهلي، وأقولها بكل وضوح : الزواج وسيلة لمواجهة المرض». د.رياض : تقدم المراكز الرعاية والاهتمام للمرضى .. وتساعدهم على عيش حياة طبيعية من جانبه تحدث في سياق الموضوع استشاري علم الوبائيات ومكافحة العدوى والمشرف على مركز علاج أمراض المناعة بمنطقة الرياض الدكتور رياض الخليف، مبينا أن هناك العديد من الحالات المصابة بمرض الإيدز استطاعت الزواج وإنجاب أبناء من خلال التنسيق والمتابعة مع عدد من المستشفيات والمراكز الطبية في المملكة، وأضاف د.رياض : «المرضى المصابون بالإيدز والراغبون في الزواج والإنجاب يتم متابعتهم بشكل منتظم، فتتم إحالة المرأة المصابة إلى استشاري النساء والولادة والاخصاب لمتابعة وإعداد الترتيبات للولادة بعد تطبيق البروتوكول الصحي الخاص بمنع أو تقليل انتقال العدوى أو الفيروس إلى الطفل بعد الولادة، ومن الضروري هنا أن تكون الولادة في مركز طبي متخصص، حيث يلجأ المركز إلى الولادة القيصرية لتقليل انتقال العدوى من الأم للمولود أثناء الولادة، كما يتم إعطاء الطفل العلاج المناسب لمدة ستة أشهر، وتتم متابعة حالة الأم بصفة دورية وعمل التحاليل اللازمة لضمان السيطرة على الفيروس في الدم»، ويوضح الدكتور الخليف أنه يوجد في المملكة عدة مراكز لمتابعة مرضى الإيدز من الناحية الصحية والعلاجية والنفسية والاجتماعية، وقال عنها : «هذه المراكز موزعة على عدة مدن : في الرياض، وجدة، والدمام، وجازان، والجوف، والأحساء، والمدينة المنورة، وهذه المراكز تقدم كافة أنواع الرعاية والاهتمام لمرضى الإيدز ومساعدتهم في عيش حياة طبيعية، وتسهيل عملية الزواج تحت المتابعة الطبية، فليس هناك خطورة على هؤلاء، إلا اني أطالبهم بالحذر من انتقال العدوى للآخرين، .. إضافة إلى أنه يجب عليهم عند الرغبة في إنجاب اطفال المتابعة الطبية أثناء الحمل والولادة بمساعدة الطبيب المختص، والالتزام بالتعليمات الطبية، وتناول الادوية والعلاج المناسب سواء للأم أو الطفل»، وبين د.الخليف أن عددا من المراكز العلاجية في المملكة لديها برنامج المشورة الخاص بالفحص الطوعي لأي مراجع يرغب في التأكد من عدم إصابته بمرض الإيدز بعمل التحاليل اللازمة، مبيناَ أن طرق العدوى تتم بنسب مختلفة، فعن طريق الاتصال الجنسي تصل العدوى إلى ما نسبته 75% ، فيما يساهم نقل الدم الملوث بالفيروس بنقل ما نسبته 20% ، والنسب المتبقية تتم من خلال نقل الأم المرض لطفلها، أو من خلال استخدام الإبر أو فرشاة الأسنان، أو عدد من الوسائل الأخرى الملوثة .