عزيزتي هيا، لست وحدك عشت وتعيشين العضل وآثاره في القرن الواحد والعشرين، وللأسف مثلك كثيرات، نورة، وحصة، وليلى. و.. و.. يمتن ألف مرة في اليوم بسبب العضل بأنواعه، الأفعى السامة التي لها أكثر من لون وشكل.. صوره كثيرة، بعضها وهو الأكثر الكسب المادي. عضل الموظفات وحرمانهن من الزواج أو تأخيرهن حتى مرحلة العنوسة للاستفادة من رواتبهن التي تحوّلت لنقمة حرمتهن حقهن الطبيعي في الحياة، أو كسلع للمزايدة لمن يدفع أكثر؟ وبعض أشكال العضل التفاخر بالأحساب والأنساب، ترفعاً واستكباراً. وإن تعددت أشكال العضل فالظلم واحد، ظلمات يوم القيامة، فئة من أولياء الأمور لا تخاف الله، فلا حياء ولا رحمة بمن استرعاهم الله عليهن. عزيزتي هيا .. ظلمتك رواسب موروثة، على بعض العقول فوضعوا شرعاً خاصاً بهم، حتى وإن كان منافياً لشرع الله ورسوله، أعوذ بالله!! وكان منهم أقرب الناس لك. عزيزتي هيا.. صوتك الحزين الذي ينزف دماً، والذي جاء بعد مضي عمر طويل عاد بي للوراء، شريط من الذكريات. تذكرت.. وأي ذكرى مؤلمة، تذكّرت يوم وقوعك في مستنقع الجور والتعسّف، يوم الحكم عليك بما لا يرضي الله ورسوله في قريتك الصغيرة ومن أقرب المقرّبين، كنت منزعجة وباكية وأحاطت بك الزميلات مهدّئات ومواسيات، صدر الحكم من والدك غفر الله له ذنبه الكبير بإعلان الحجر على ابن عمك الذي يصغرك بسبع سنين، ولم أصدق حينها، وقلت الزمان كفيل بحل هذه المصيبة. ويمضي الزمان والعمر معاً وأصدم بعد كل هذه الأعوام، بحديث هيا الحزين، بزهرة شبابها الذابل بصباها الذي ذوى بفؤادها وهو يحتضر ويموت، ثم يعود للحياة المريضة ثم يموت ويموت. ليس من حق الولي أن يتحكّم ويمنع حقاً شرعياً للمرأة فيمنعها من الزواج من الكفء أو يكرهها على الزواج بمن لا ترضاه، جناية يقترفها بحق نفسه بمعصية الله، وبحق بناته وبحق من تقدّم لهن من الأكفاء «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»بعد كل هذه السنين لا تزال هيا آنسة، صديقاتها وزميلاتها أصبحن أمهات، غادرها قطار الزواج دون رجعة حتى بعد زوال الأسباب، تزوّج ابن العم بأخرى، فتاة في مثل سنه، وبقيت هيا سجينة «مؤبّد» للعادات البالية الموروثة. ليس من حق الولي أن يتحكّم ويمنع حقاً شرعياً للمرأة فيمنعها من الزواج من الكفء أو يكرهها على الزواج بمن لا ترضاه، جناية يقترفها بحق نفسه بمعصية الله، وبحق بناته وبحق من تقدّم لهن من الأكفاء «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» عضل النساء انتهاك للإنسانية، وجريمة من جرائم الاتجار بالبشر. اتقوا الله في النساء ولا تستخدموا ولايتكم في غير ما شرعت له، واتقوا دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب، فكم من ولي دعت عليه ابنته بدلاً من أن تدعو له. من يرضى أن تكون ابنته خصمه يوم القيامة؟! aneesa_makki @hotmail.com