أصبحت صوالين الحلاقة واجهة صريحة لمخالفات التستر بتشغيل العمالة الوافدة بعد فترة من التدريب في رؤوس الزبائن، على ما يبدو أسهم في القضاء على البطالة بين فئة العمالة المتسيبة. ويكشف السوق التجاري في هذه الخدمة المسكوت عنها في التعامل مع مهنة غاب عنها الوعي المجتمعي في أكثر من جانب، خاصة إمكانية انتقال الأمراض الوبائية وفي مقدمتها الأيدز والكبد الوبائي والأمراض الجلدية التي يصعب علاجها، إضافة الى البعد الاقتصادي بتوفير وتهيئة فرص مستمرة للعمالة التي استفادت من ثغرة العزوف عن المهنة، وهي تلك النظرة التي تُعلن وجودها السافر في التركيبة الاقتصادية ومحركات دورانها الانتاجي المطلوب. نتائج سلبية من واقع الحال بالنسبة لإمكانية امتهان السعوديين الحلاقة فإنها ترسخت في الأذهان بما يوصف بالمستحيل، واقتصارها على وافدين منذ عرفت قبل عقود بعمالة من شتى الجنسيات في مقدمتها البنجلاديشية والهندية في الأغلب ودون الحاجة لخبرة تذكر. يوسف الحسين يقول: إن صوالين الحلاقة جزء من واجهة السوق فهي لا تختلف عن المجالات التي تشهد غيابا من المواطنين، ويعتقد أن هذه الإشكالية لها أسبابها الجوهرية ، حيث أسهم العديد من العوامل في تكريس نمطية النظرة الى معظم الوظائف الحرفية رغم توارثها عبر الأجيال سواء في مجتمعنا أو على المستوى العالمي. ويضيف الحسين "النتائج كانت سلبية في سوق العمل خاصة عندما نعرف حجم الاستقدام، ثم نقرأ الإحصائيات التي تشير الى وجود 7 ملايين عامل أجنبي، ومن وجهة نظري فإن 70 بالمائة منهم لا يعدّون في قائمة الخبرة والكفاءة والتأهيل، علاوة على المدرك في عدم الاحتياج الفعلي لهذا العدد الذي يتضاعف بنطاقات المؤسسات والشركات وللأفراد بمستوى تصاعدي لافت". مهنة شريفة في صوالين الحلاقة تتضح الصورة عن قرب في عشوائية منح التراخيص من جهة، والعمالة ونوعية الخدمة وتفاوت الأسعار وعدم التقيد بالاشتراطات البلدية وكثير من التجاوزات الملحوظة عليها، ثم قبول الأمر الواقع كما هو بسلبياته ليكون واحدا من المجالات المهنية غير القابلة للسعودة من جهة أخرى، والأدهى أن تكون صوالين الحلاقة مصدرا للعدوى، حيث يتردد عليها المصاب والسليم، كبارا وصغارا، ما يوفر ظروف انتقال الأمراض الخطيرة. عطية الله المنيفي يتساءل عن رفض الشباب للعمل في الحلاقة، ويقول: إنها مهنة شريفة كغيرها ولا يعيب الاشتغال بها، بل بالعكس فهي توفر العائد المالي المرتفع والمضمون، الإحساس بالمسئولية وإن كان من ملاحظات على الصوالين فإنها تحتاج الى تشديد الرقابة لمنع انتشار الأمراض الجلدية خاصة عدم توقع حرص العمالة في الاهتمام والالتزام بالاشتراطات الصحية الكافية لمنع انتقال العدوى بالأمواس والأدوات المستخدمة. يؤيد أحمد الشليل الوجهات السابقة ويضيف أن أقرب الحلول للبطالة هو القبول بالعمل في الحرف المهنية فهي بدائل متاحة بمغريات مالية قد لا تصل مكافأة حافز الى الربع منها ثم ما يعنيه وقت الفراغ من الانتظار الذي يساعد على الكسل ومساوئه، وفي نظرة أخرى فإن الشاب السعودي الذي يتردد في العمل بصالون حلاقة : لماذا يقبل وظيفة (كاشير) وحارس أمن وسائق سيارة أجرة وكهربائي وميكانيكي سيارات ونادل وبائع؟ ثقافة العمل ويؤكد عبد الرحمن العنزي أن أي عمل شريف لا يعيب صاحبه، ويقول : إن ذلك ما يجب التشجيع عليه في الوظائف الفنية والمهنية، فما نحتاجه اليوم هو البدء بالخطوة الأولى في طريق الألف ميل، التي تعني تنمية المجتمع والإنسان فيه ارتقاء بحضارية ثقافة العمل الانتاجي، لأن من الطبيعي تحقيق الإيجابيات من ذلك على المستوى الاقتصادي الذي نتطلع من خلاله الى المستقبل، واثقين من تكامل الأدوار، ولابد من التخطيط السليم في مساندة التوجه للحرف المهنية وإيجاد السبل الكفيلة بدعم المقبلين عليها بالتشجيع والتدريب والبحث عن أسباب المعوقات وهي مشكلات لا نغفلها بهذا المجال نتيجة المنافسة الشرسة من العمالة الوافدة التي استحوذت على الفرص وتمكنت من الأسواق ومعرفة مفاتيحها، وكذلك ما يحدث من اتكالية المواطنين وتساهلهم، وقد تكون النقلة في نظر البعض صعبة لكنها ليست مستحيلة إذا وجدت الهمم العالية، ولا يمكن أن نقتصر على مهنة الحلاقة فلدينا مهن كثيرة يشتغل بها الأجانب ويزاحمون عليها ويخشى أن ترتفع نسبة البطالة كنتيجة حتمية إذا لم نتدارك الوضع بما يستحق من التهيئة في مجالات التوطين. رقابة وتشديد من جهته، يشير مدير عام التراخيص والرقابة التجارية في أمانة جدة الدكتور بشير مصطفى أبو نجم، الى استمرار الحملات الرقابية والتشديد على ضرورة التزام صالونات الحلاقة باستعمال أدوات الحلاقة ذات الاستخدام لمرة واحدة وتطهير الأدوات. ويقول: إن التصنيف الممنوح بموجب الترخيص واللائحة يلزم المحل بالحلاقة فقط دون إجراء أي خدمات تجميل أخرى مثل معالجة حب الشباب أو استخدام كريمات إنبات الشعر وغيرها من الخدمات، مضيفا أن الوعي مطلوب من الجميع بأدوار مشتركة، ولعل أهم الأمراض المعدية في الصالونات تتمثل في الفيروسات من أنفلونزا موسمية والأنفلونزا والتهاب الكبد الفيروسي والإيدز والبكتيريا والفطريات والطفيليات.