يعلو هناك في البعيد الجميل على ضفاف الخليج بعض التمتمات التي سرعان ما تتحول الى صرخات اعجاب وكلمات شوق عند الالتقاء ودمعات وجع الفراق وامل اللقاء من جديد وما بين هذا وذاك الكثير من عويل الفرح ونشوة الغضب واقنعة الشخصيات التي تولد وتموت خلال دقائق فوق خشبة ذلك العملاق المسمى «ابا الفنون» أو كما اعشق انا ان اطلق عليه «سيد الفنون». وكلما اسعدني حظي المسرحي وتوجهت بوصلتي من شواطئ البحر الاحمر للمشاركة في مهرجان الدمام للعروض المسرحية القصيرة اشعر بالكثير من الفرح حيث اعود إلى طقوسي المسرحية التي اعشقها واتمتع بالعديد من العروض التي تسرق انفعالاتي دون موافقتي. هنا كثير الوجوه التي تولد مع ولادة كل دورة من هذا المهرجان ونفقد وجوه اخرى.. هنا قلوب تحتضن الفرح البريء بداخلك وتسعى لجعل المسرح على رأس قائمة اهتماماتك. في الدمام لا تموت مريم فهي تعود كل عام بحكاية جديدة ويظل «نضال ابي نواس» يتنفس مسرحا رغم الرحيل و»شاكر الشيخ» في ذاكرة كل المبدعين واليوم ونحن نعيش الدورة التاسعة من هذا الفرح المسرحي المتجدد كل عام تشعر وأن هذا المهرجان ولد قبل مائة عام واصبح طقسا وعادة ادمنها ابناء الشرقية حتى اصبحت حياتهم مشهدا مسرحيا وارضهم خشبة مسرحية خلقت فقط لتقدم لنا لوحة سحرية اسمها الابداع. عشت مع هذا المهرجان من خلال ثلاث دورات غير متوالية سواء كمؤلف أو كمخرج أو ضمن اعضاء التحكيم وبكل مشاركة ألتمس بنفسي كم نما هذا المخلوق الجميل وتطور واضيف اليه العديد من عوامل النجاح. وكيف انتج عددا من الاسماء التي تسعدنا ببريقها الابداعي رغم انها تقف على خجل بعيداً عن دائرة الضوء الإعلامي. هنا اجد الالتحام الازلي المميز بين مجموعة من الاشخاص تتناسى اسماءها من اجل ان يظل اسم المسرح هو الشيء الوحيد المحفور في عمق ذاكرتك. في الدمام لا تموت مريم فهي تعود كل عام بحكاية جديدة ويظل «نضال ابي نواس» يتنفس مسرحا رغم الرحيل و»شاكر الشيخ» في ذاكرة كل المبدعين. وتظل الدمام تعترف بفضل كل الراحلين. وتؤكد أن مجنون المسرح هو سيد العاقلين. وإن المسرح لا ينصف المدعين. وان المستحيل في المسرح مجرد عذر للمتخاذلين وان الحب حقيقة في قلوب كل العاشقين. وان عمري لم يضع ضمن اوهام الواهمين. وان ربي قد كتب منذ فجر التاريخ ميلاد فرح شرقاوي لكل المسرحيين.