تتصاعد المخاوف في الشقيقة مصر من مخاض التغيير، وهي مخاوف حتى الآن في نطاق الإفراز الطبيعي لتطورات الأحداث والتغيير الجذري الذي شمل القوى المحركة في الدولة. وإذا ما سارت الأمور بالشكل الذي يرومه الوطنيون المصريون وقيادة القوات المسلحة، فإن مصر سوف تعبر سريعاً، وبأمن وبطمأنينة، المخاض إلى الاستقرار الدائم بإذن الله. ولكن المخاض أيضاً بدأ يفرز ، طبيعياً ، قوى تنزع إلى الانتقام ومحاولة قوى حزبية السيطرة على المشهد الوطني بالمزايدات وترسيخ الصورة أن مصر بلد مهدوم ويحتاج كل شيء إلى إعادة البناء من جديد، بينما الحقيقة أن مصر بلد بناء ويتمتع بقدرات فكرية وطاقات بشرية وبنى تحتية تحتاج فقط التفعيل الصحيح والتطوير الخلاق والإدارة المهنية والتجديد في الأسلوب والأداء، لتستمر مصر قوة اقتصادية وعسكرية وفكرية ومجتمعية محسوبة وتملأ مكانتها في المعادلة العربية والعالمية. وبالحكمة التي أبدتها القوات المسلحة المصرية في الأيام الماضية، لا يبدو أنها ستسمح بتحويل مصر إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية أو إثارة النعرات أو المزايدات الأيديولوجية والشعارات الصوتية. ويبدو أن القيادة العسكرية المصرية، في الوقت الذي سوف تحرص على التحقيق في المظالم والفساد، وإعطاء القضاء السيادة والاستقلال في مهامه، فإنها أيضاً سوف تدعم العمل من أجل أن تعود مصر سريعاً إلى حالة استقرار تضمن انتظام الأعمال في مواقع الإنتاج والتعويض عن حالة التعطل الطويلة التي كابدها قطاع عريض في الاقتصاد المصري. وعلى مستوى العمل الدبلوماسي يبدو أن القيادة العسكرية المصرية سوف تنحاز إلى المصلحة الوطنية في إرساء العلاقات الخارجية، برؤية مستنيرة وفاحصة، ولن تنقاد إلى الشعارات الوهمية أو العاطفية التي تطفو في الساحة الإعلامية. خاصة ان الشعارات الوهمية تخطط وتعمل على مصادرة القدر المصري لحسابات قوى أجنبية ترسخ عدوانها وأقدامها في الوطن العربي بالتخدير الإعلامي والشعارات الصوتية. ويتطلع المواطنون العرب والمصريون إلى أن تبقى مصر، كما هي دائماً، سنداً وركنا عربياً أصيلاً لا تجامل ولا تغريها الشعارات، ولا تساوم على الهوية العربية، والأهم أن مصر سوف تستعصي على الذين كانوا يخططون لاستلاب الانتفاضة المصرية وتجييرها لحساباتهم.