وضعت سوريا نفسها بجدارة في قائمة الدول الفاشلة، وذلك الفشل يقوم على معطيات واقعية من خلال مجريات عام كامل من الثورة التي أخرجت من الشعب السوري أحد أفضل صور النضال والكفاح ضد دولة الظلم، فربح الشعب وخسر النظام، وسيبقى الشعب ويرحل النظام، فالممارسة السياسية الراشدة لا تقوم على عدد الأيام التي يمكن أن يبقى فيها ذلك النظام على سدة الحكم فيما يغلي الشعب ويموت ويثور ولا يتوقف عن رفض الأسد وطغمته الحاكمة. سوريا نموذج للدولة الفاشلة الى أن يغادر حاكم دمشق غير مأسوف عليه، وذلك الفشل ترجمة لكل حالة الانهيار السياسي التي يعيشها، وقد يجد النظام بعض المقربين الذين لا يزالون على ولائهم سواء لآل الأسد أو البعث الذي بقي في الوجدان السوري لسنين عددا، ونشأت أجيال على الفكر البعثي الذي أثبت من خلال مجريات الثورة عبثيته وعدم قدرته على التصالح مع غالب الشعب. مرت سنة كاملة من الفعل الثوري السوري ولا يزال نظام الأسد في السلطة، ذلك لم يحبط الشعب عن مواصلة كفاحه، وإنما منح الثوار طاقة هائلة من التصميم على إزاحة حكم البعث، وهذه السنة الكبيسة في تاريخ السوريين إنما هي فداء وتضحية من أجل مستقبل أفضل، وغد لا تشرق فيه شمس سوريا على الأسد، فأولئك الذين قضوا من أجل حقهم في التحرر من الظلم والقهر والطغيان لن ينتهي بثورتهم إلا بتحقيق غايتها باقتلاع النظام من جذوره. الأسد في الواقع يصعّب النهاية على نفسه وعلى شعبه، وأيا كان أمانه من الضغط الدولي ورهانه على الدعم الروسي، فإنه ليس نظاما استراتيجيا ليبقى الدعم الى ما لا نهاية الأسد في الواقع يصعّب النهاية على نفسه وعلى شعبه، وأيا كان أمانه من الضغط الدولي ورهانه على الدعم الروسي، فإنه ليس نظاما استراتيجيا ليبقى الدعم الى ما لا نهاية، فعاجلا أو آجلا سيمل الروس منه ومن جرائمه وأخطائه وعجزه عن القيام بأي خطوة صحيحة، فهو يتملكه غرور سلطوي بعد أن بقي في الحكم كل هذه الفترة أكثر من غيره من الراحلين، ولكنه حتما سينكشف لأنه لم يعد هناك من حل للمعادلة السورية إلا بالرحيل والتنحي. ولأن الجزاء من جنس العمل، فنهاية الأسد ستكون أحد أكثر النهايات التاريخية سوءا، فهو لم يَرحم ولذلك لن يُرحم، وسيكون الهروب فقط هو السيناريو الأكثر رحمة به، ولن يجديه لأنه سيلقيه في براثن العدالة الدولية، فجرائمه أبشع من أن تمر دون عقاب، طالما ظل حيا، فهو في الواقع بدأ يعيش العقاب بعزلة دولية ومطاردة عدلية بدأت مع أول قطرة دم لثائر سوري، فكل سوريا لها ثأرات مع رئيسها الذي وصل بها الى هذا الانحطاط السياسي والأخلاقي. لقد كتب الأسد فصولا دموية من قهر إرادة الشعب، ولم ينجح على مدار التاريخ حاكم استباح حرمة مواطنيه وأعمل فيهم تقتيلا، لقد أحرق نيرون مدينة روما ودخل التاريخ بذلك الفعل الشنيع، وعلى ذات النحو دخل الأسد الصغير بوابة التاريخ الأسود الذي تحفظ ذاكرته جرائمه بحق شعبه، ما كان مسكوتا عنه قبل الثورة وما رشح خلالها، وفي كل الأحوال لا عاصم له مما فعله بشعبه ووطن السوريين الأحرار، فقد أثبت منذ اليوم الأول للثورة أنه أقل قامة بكثير من الوطن السوري الذي حكمه في غفلة من الزمن.