لا أعرف ما الذي كان يجول ببال عبد العزيز السماعيل وزملائه في جمعية الثقافة والفنون بالدمام وهم يجترحون فكرة إقامة مسابقة العروض المسرحية القصيرة قبل عشر سنوات. أحسب أن الفكرة في بدايتها تتلخص في الخروج بالفعل المسرحي من إطار جمعية الدمام؛ فلا تكون وحدها في مشهد المنطقة المسرحي. ثمة وجوه. ثمة مواهب، ينبغي أن تجد لها الفسحة وأن تحظى بفرصة المثول أمام جمهور أوسع.. وبعد ذلك للتنافس دوره الكبير في صقل التنافس ومدّ حبل التجريب إلى منتهاه وإبراز المكنون من المواهب في العمل المسرحي؛ تأليفا وإعدادا وسينوغرافيا وإخراجا، على النحو الذي شاهدناه ينضج عاما بعد عام، من حيث الأسماء والعدد، ومن جهة الجديّة والعرق الغزير الذي تصطبغ به التجربة المسرحية المقدمة لجمهور ينتظر المتميّز والفائق. وإذا كانت فكرة الانفتاح هي حادي هذه المسابقة، فإنها لم تتوقف وحاولت في كل عام أن تدفع بحدود هذا الانفتاح. فمن إشراك فرق المنطقة المسرحية إلى توسيع المشاركة المحليّة من عموم فرق المملكة شرقا وغربا وجنوبا، ثم توجّهت إلى البعد الخليجي والعربي كما هو حادث في مسابقة العام الماضي، وهذا العام الذي تطل فيه على الجمهور فرقة أوبار المسرحية من عمان وفرقة ظلال الفنية من الأردن. لعل من أجمل الأشياء في «مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة» والتي تستوقف المراقب للعمل الثقافي، هو الحضور الحي والكثيف للجمهور..وذلك بطريقة ترسّخ حضور هذه المسابقة في مدوّنة الفعل المسرحي، ولأجل هذا لم يكن غريبا التحوّل في المسمّى من مسابقة إلى «مهرجان» على قدم المساواة مع المهرجانات المسرحية الخليجية والعربية؛ العامرة بالعروض والندوات التطبيقية، وورش العمل شأن هذا المهرجان الذي خصص أسبوعا لدورة في الإخراج المسرحي ينفذها المخرج الأردني بسام المصري. ولعل من أجمل الأشياء في «مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة» والتي تستوقف المراقب للعمل الثقافي، هو الحضور الحي والكثيف للجمهور، الأمر الذي تحتاجه أيّة فعالية ثقافية كمؤشّر للنجاح وكدافع نحو الاستمرارية والابتكار. إن حاجة المبدع إلى من يسمعه ويشاهده، ويقدّر عمله هي حاجة قصوى وضرورية. فلا يشعر بالفراغ ولا تذهب به الظنون أن إبداعه يذهب سدى وبلا صدى.. تلك التحية الكاملة التي ينتظرها العاملون في هذا المهرجان، يشعرون أن عملهم لا يتصرّم هباء وأنهم «بين الناس». p style="text-align: justify;"