بثلاثة شعراء، ومن أجلهم ، اكتظّت قاعة نادي المنطقة الشرقية الأدبي، على غير عادتها بعشاق الشعر، إذ من النادر أن لا يجد بعض الحضور له مكاناً ليستمع إلى الشعر فيستمع واقفاً. في مساء الأحد كان الموعد المضروب مع الشعر، شاعران شابان هما الشاعر ياسر العتيبي والشاعر محمد خضر يتوسّطهما الشاعر المخضرم شفيق العبّادي،ويقدّم لهم الشاعر زكي الصدير. الشاعر ياسر العتيبي امتلأت نصوصه النثرية بالتأملات الفلسفية وبالصور المدهشة بحركيّتها، وبغوصه في أعماق النفس البشرية لاستخراج الغريب من المشاعر والحالات التي تتوافق مع الشعور بالغربة والوحدة والألم، وقد قدّم لقصائده نص «أصوات» الذي تحدّث فيه عن علاقته المبكّرة بالأصوات في جو من الوحدة والألم واليتم. ثم قرأ نص «أحياناً تسقط متعبة» ، ونص «خروج الأشياء من اللحظة» وفي الجولة الثانية قرأ نص «يمزّق الطريق بأحذيته الكثيرة» ونص «فراغ اللحظة يتّسع بالهواء» الذي جاء فيه: « اللحظة التي كسرت زجاج الساعة تلاحقها العقارب في كل مكان». « يركل الكرة إلى أعلى .. تقف لحظةً وتسقط .. يركل الكرة مرة أخرى .. تسقط اللحظة وتبقى الكرة معلقة في الهواء.. فيتخيلها نجمةً تبتسم من أجل قدميه». كما قرأ عدداً آخر من النصوص منها نص « القفز من غيمة إلى أخرى»، و « توتّر الهواء» الذي تجلت فيه الحالة السردية : « تتحرك وجوه غريبة من أمامي وتختفي. الحياة مليئة بالوجوه، تلك التي تعيش في الذاكرة وتموت مع الذكريات، ولا أعرف النوم قبل أن أتصفّح عشرات الوجوه في مخيلتي، كنت أحلم بأن يكون وجهي صديقي، وأن تكون ملامحه أقلّ حدّة في النظر إلى الآخرين، وأن يكون معي عندما أحدّق في المرآة، ولا يتحرك مع تلك الوجوه الغريبة ويختفي.» صورة العائلة الشاعر محمد خضر الغامدي قرأ عدداً من قصائد دواوينه ( المشي بنصف سعادة) و ( صندوق أقلّ من الضياع) و(مؤقتاً تحت غيمة)، ومنها « على حرية»، « تعليق خاطف على أدوات النفي»، «المتحوّل»، « امرأة بلا برج»، « سقف «. و»صورة العائلة» التي جاء فيها: « تلك التي التقطهاالمصور في أواخرالسبعينات كانت أمي تسيل حناناًعلى الأبناء بينماالبناتُ بضفائرهن الثنائية ينظرن إلى بعضهن بعيداًعن عدسةالكاميرا الصورةالتي تركت لأعوام عديدة بجانب النافذة ثم انتقلت من غرفة إلى غرفة حتى اختفت تماماً في سحارةالعائلة تلك التي زينها الإخوةُ بإطارخشبي مزخرف عندما كبروا قليلاً سادن البرق وكان الشاعر شفيق العبادي قد افتتح الأمسيه والقي في ثلاث جولات عدداً من القصائد تنوعت بين العمودية والتفعيلة منها (أريقي، القمر، المجنون، أول الأبجدية، هكذا، كل هذي الفراشات) إضافة إلى قصيدة « سادن البرق « التي كتبها في الشاعر الراحل محمد الثبيتي، وقد جاء فيها: « سرى البرق ياسادن البرق فينا وكناعلى موعد نستحث المطايا وبين الهوى والنوى طرفة والهوادج تطوي عن البيد لحنا وكانت كؤوسك تتركنا في مهب الصباح عرايا لتروي الشواطئ عن سرذاك الذي كان يبذرنا في رمال القصيدة والبحرمكتحلا حينها بالحكايا.. هي الأرض من حرز تهب كل الحروف التي اختمرت في الرمال وأوحت لعينيه كل الغيوم التي كان ينثرها كالهدايا.. تشظى على قارعات الحروف زمانا يمردها بالقوارير.. كان إذا جنه الشعرأدلج يقطف من قمرالروح نخبا ليغسل من عتمةالروح ثوب الخطايا.. ويولم للبيد ماخولته الحروف.. وخولة تشع للحن الهوى بين جنبيه طفل الكمنجات شد أوتارها من عويل الضحايا. ستحكي المنامات عنك إذا اختمرالحلم فينا وفاضت جرارك من ذكريات المرايا «..