أيها (الساعاتيُّ).. سلاماً على انحناءةِ عنقك في العمل الممتدِّ حتى منتهى المهارة.. أتوسَّلك وأنت تعقدُ قرانَ الوقتِ على (الساعةِ) وتطلقُ في (العقاربِ) شهوةَ الدورانِ..لا تنسَ عُمري.. أطلقْ في عقاربِهِ الإكسير وأَصْلِحْ ساعتَهُ المتأخِّرةَ حَدَّ فواتِ الحياة. أيها (الساعاتيُّ) ..أيها الغاطسُ في بحيرة الأزل تتنفَّس الدقائقَ والثوانيَ ببطءٍ دقيقٍ بينما الساعاتُ من حولك تتماوجُ مثل عرائسَ موشَّحةٍ بالبِلَّوْرِ وفي نظراتها يلمع الماسُ وتبرق الفضَّةُ.. تلك ساعةٌ لها شبابُ الماءِ الخالدِ تحضنُ سُفُنَ المواقيت القديمةِ التي أَرْسَتْ على مينائها، وهذهِ ساعةٌ تشعُّ بتحديقةِ عاشقٍ انتظرَ حبيبتَهُ شهقةَ وَرد، وساعةٌ أخرى غارقةٌ في ذكرياتِها العميقةِ مع معصمٍ فاتن، وساعةٌ أخيرة نزعوا قلبها وباعوا المواعيدَ حتَّى تَفَشّتْ على وجهها أخاديدُ الفقد.. وأنتَ ما بين الساعاتِ تتنفَّسُ الدقائقَ والثوانيَ ببطءٍ دقيق. إلى أين يمضي الشهرُ المنفرطُ من عقال السنة؟ وفي أيِّ هاويةٍ تسقطُ السنةُ التي تَدَحْرَجَتْ من مركبة العمر؟ ومن يُشَيِّعُ الوقتَ بعد أن تدركَهُ الوفاةُ؟أيها (الساعاتيّ).. إلى أين يمضي الشهرُ المنفرطُ من عقال السنة؟ وفي أيِّ هاويةٍ تسقطُ السنةُ التي تَدَحْرَجَتْ من مركبة العمر؟ ومن يُشَيِّعُ الوقتَ بعد أن تدركَهُ الوفاةُ؟ أيُّها (الساعاتيّ).. هل بوسعك أن تبيعَني الفراغَ: بضاعةَ الزمن القديمة؟ هل بوسعك أن تفتِّشَ عن تقاويمي في ركام الأيام البائدة؟ هذه ساعتي عاطلةٌ عن دوران الكون بأحلامي.. عاطلةٌ عن المواعيدِ ولهفتها.. عاطلةٌ عن تكتكة اللحظاتِ في إناء الزمان.. عاطلةٌ عن الانتظار الذي يحيلُ عقاربَها إلى سيوفٍ جارحة.. عاطلةٌ عن السهو والهذيان والنبض اللاهث والخفقان المتلاحق... أَصْلِحْها من عَطَلِ الحياة واضبطْها على حفيف الخُطى حين يمشي العشاقُ إلى مواعيدهم . . فربَّما استطعتَ أن تُصْلِحَ الزمنَ بالحُبِّ مثلما تُصْلِحُ الساعةَ العاطلة بأنامل المهارة. أيها (الساعاتيّ).. كلّما سَقَطَ يومٌ من سطح التقاويمِ أكاد أسمعُ رنينَهُ الأَسْوَدَ في قاع العدم، ولكنَّني أمسكُ بعضَ الأيامِ بقبضة القصيدةِ، فكيف تمسكُ أنتَ أيامك حينما تسقط من أعالي الزمن قبل وصولها إلى هاوية الغياب؟! وأيُّ بذرةٍ عليَّ أن أزرعَها في تربة هذا العمرِ كي ينبتَ بالأبديةِ لعلَّني أتحاشى الموتَ ؟! يا للموتِ.. هذا الخطأُ الصحيحُ في حياتِنا المنبوذةِ مثل ساعةٍ طَلَّقَها الوقت!! [email protected]