دفنوه.. «1» لكنهم لم يدفنوا موهبته ولا أخلاقه ولا أهدافه. لا أحد يستطيع أن يلغي ذكريات سعود جاسم من عقول عشاقه. سعود،، جاء للكرة موهوبا بالفطرة، كانت قدمه اليسرى ورأسه الذهبية تلسعان المنافسين في لحظة، كان يغير نتيجة المباراة بلفتة من يسراه وهمسة من رأسه. وكأي لاعب من لاعبي الرعيل الأول، لم يدخل الغرور رأسه برغم نجوميته الكبيرة وشهرته التي طبقت السعودية والخليج آنذاك، وتسابق الأندية للتعاقد معه ومن بينها نادي الاتحاد الذي ظفر به بمليونين ومائتي ألف ريال وكان مبلغا مهولا في ذلك الوقت. «2» وحتى نعرف قيمة سعود الفنية نذكر بأن ماجد عبدالله بموهبته الكبيرة وجلالة قدره كان احتياطيا له ينتظر أية فرصة ليحل محل النجم سعود جاسم ثم كوّن سعود وماجد ثنائيا هجوميا خطيرا في المنتخب، وعندما اعتزل سعود بقي ماجد وحيدا في الهجوم إلا من موهبته وفنياته وأهدافه. وفي ظل تألق سعود كان مخلصا لناديه القادسية، وقد صرح أكثر من مرة بأنه ابن القادسية ولن يتركها حتى تتخلى عنه. وفعلا عندما جاءت إدارة معينة لم تهتم به ذهب للاتحاد ثم للنهضة. وبعد أن صفت السماء الحمراء والصفراء عاد لعشقه القديم القادسية. وهكذا... أثبت سعود -رحمه الله- أنه ما الحب إلا للحبيب الأول. وجعلنا نردد معه قول الشاعر: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول «3» دفنوه... لكنهم لم يدفنوا إخلاصه وحبه. لقد تعلم منه الناشئة آنذاك معنى الإخلاص والحب للنادي والمنتخب برغم تكالب الأندية عليه. وكم هم الناشئون واللاعبون الحاليون بحاجة إلى أن يتعلموا من ميت اسمه سعود جاسم نقش اسمه بين النجوم مع صعوبة المرحلة وشظف الحياة آنذاك. اللاعب الحالي يملك من المال الكثير وتتم تهيئة كل شيء له من ملاعب ومواصلات وملابس، بعكس لاعب «زمن الطيبين» الذي كان يتعب ويجتهد من أجل الحصول على تمرين فقط. اللاعب الحالي يعيش الكرة وسط سيل من التسهيلات لكنه وللأسف لا يقدم ما كان يقدمه اللاعب السابق الذي كانت تحيط به كوكبة من النجوم كان يسعى وسط الأزمات للبروز من بينهم. أما اللاعب الحالي فيبرز في عدد من المباريات، ويملأ جيوبه بالأموال ثم يغيب، فلا تراه برغم أنه لا يحظى بمزاحمة النجوم له بعكس اللاعب السابق. «4» دفنوه... لكنهم لم يدفنوا كلماته الجميلة، فاختيار الجمال فن لا يجيده إلا الكبار أمثال سعود جاسم. فعندما تتم مساءلته في صحيفة معينة أو حوار تلفزيوني كان لا يقول إلا الجميل من القول بعكس (بعض) اللاعبين الحاليين الذين اختفت نجوميتهم، وعجزوا عن العودة كما كانوا فأرادوا أن يلفتوا الأنظار لهم عندما انحسرت الأضواء عنهم، ثم راحوا يكيلون الاتهامات للإعلاميين مثلا ويعمموا التهم للكل مثل ياسر القحطاني الذي كال الاتهامات للجميع دون استثناء إلا من واحد أو اثنين كما قال. ليت ياسر القحطاني يستفيد من تجربة سعود جاسم الرائعة وقد خرجا من نفس النادي. «5» دفنوه... لكنهم لم يدفنوا أهدافه تلكم التي جالت على كل ملاعب المملكة والخليج. كان هدافا بارعا وعندما كنت صغيرا في الخبر كانت أهدافه تبهرني. كان يأتي بالأهداف من السهل والصعب ومن جميع الزوايا. «6» مبهر كان سهل كان صعب كان مخلص كان مملوء بالأخلاق كان ذلكم هو سعود جاسم