أكثر من 50٪ من القرارات الشرائية التي يتخذها المتسوقون تتم بشكل عفوي في العقل الباطن، هذه المعلومة نتاج دراسة قامت بها شركة ألمانية متخصصة بالعلامات التجارية وسوق التجزئة. الجميع يعرف بطاريات «إنرجايزر» وأرنبها الوردي المصاب بفرط الحركة «لا شيء يستمر أكثر من إنرجايزر»، هذا الإعلان من المستحيل أن يكون مزعجًا للمشاهد والأكثر استحالة هو أن لا تتذكر اسم الشركة عندما تبدأ بالدخول لقسم البطاريات في السوبر ماركت. قبل عشرين عاما قرر مغني الأوبرا الشهير «لوتشيانو بافاروتي» زيارة الدنمارك لأول مرة وكان هذا حدثا تاريخيا بالنسبة للدنماركيين. تم تحضير مراسم الاحتفالات من برامج ومقابلات تلفزيونية وإذاعية، ولكن لسوء الحظ في اللحظات الأخيرة ألغى «بافاروتي» عروضه بسبب إصابته بوعكة صحية وهي الزكام. حلت الخيبة بشكل كبير على وجوه الشعب الدنماركي، أوحت هذه الحادثة لشركة إعلانية بفكرة تستغل هذا الموقف المخيب والمحزن، خلال ساعات بسيطة تمكنت هذه الشركة من إقناع شركة لتصنيع حبوب معالجة الزكام تدعى «غاجول» بحجز مساحة إعلانية في الصحف والمجلات وتقول فيها «لو علم بافاروتي أن هناك غاجول» لقد حول هذا الإعلان الكارثة إلى خطة إعلانية لم يسبق لها مثيل لأنه حتى بعد مرور 20 عاما على هذا الحدث، لا يزال الكثيرون من الدنماركيين يربطون حبوب «غاجول» بمغني الأوبرا المحبوب. في أوروبا الشرقية جلس «مارتن ليندرستوم» بجانب رئيس تنفيذي لأحد أكبر البنوك في البلاد. وجه له مالك البنك سؤالًا بكيف يمكنه أن يزيد من شهرة بنكه؟ نصحه «مارتن» بأن يطلي البنك بالكامل وكل شيء فيه باللون الزهري. على الرغم من البنوك واللون الزهري لا يطابقان أو ينسجمان معًا لكن هذا هو السبب تحديدًا الذي جعل «مارتن» ينصحه بهذه الخطة لإيمانه بأنها ستنجح. بعد مرور 6 أشهر ارسل له الرئيس التنفيذي رسالة إلكترونية يخبره فيها أنه عمل بنصيحته وجعل كل الفروع والسيارات وحتى ربطات العنق باللون الزهري، لكن الجميع كرهوا هذا اللون فماذا يجب أن أفعل لأحل هذه المشكلة؟، رد عليه «مارتن» بأن يظل على ما هو عليه وخلال 3 أشهر سيلاحظ الفرق. بعد مضي 90 يومًا أرسل له الرئيس رسالة ثانية ليخبره أن العملاء بدأوا يربطون اللون الزهري للبنك مع الراحة والأمان تجاه أموالهم، وأن اسم البنك أصبح معروفًا أكثر من أي بنك آخر في البلاد، وليس هذا فقط بل خفض تكاليف التسويق إلى النصف. لننتقل للوضع المحلي في بلادنا، نجد أن هناك شركة تتغنى دائمًا منذ انشائها بمسمى الجودة والثقة، لدرجة أن نسبة كبيرة من المستهلكين لا يقتنع بأي منتج آخر خارج هذه الشركة حتى لو كان أفضل جودة وطعمًا! وحتى لو قامت هذه الشركة باستغفال المستهلكين بإنقاص كمية المنتجات في العبوات ومضاعفة الأسعار ولكن مازال المستهلك يشتري منهم، وذلك لأن مسمى الجودة ارتبط عقليًا بها. الجودة الحقيقية تكمن في احترام العميل وعدم استغلال ولائه لمضاعفة الأرباح واستغفاله بشكل ساذج وفج.