منذ نهاية التوسع الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية في السبعينيات، والرأسمالية تعاني بسبب بطء النمو والأجور المنتظمة. ويأتي اقتصاد العربة (انتشار الوظائف الحرة بعقود قصيرة الأجل)، الذي تقوده الابتكارات التكنولوجية المتلاحقة، كاستجابة لعمليات إعادة الهيكلة الساعية لخفض تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح. ورغم أنه في حقيقة الأمر ليس حلا للبطالة والهجرة القسرية، غير أن التقديرات تشير إلى أن اقتصاد العمل الحر سيشكل قريبا أكثر من نصف جميع الوظائف. وقد وجد تقرير 2011 لمعهد ماكينزي العالمي أن 58% من أرباب العمل الأمريكيين يتوقعون ان تتضمن قوتهم العاملة عددا أكبر من العاملين المؤقتين وغير المتفرغين في السنوات الخمس القادمة. وفي بريطانيا يعمل نحو خمسة ملايين شخص في وظائف مؤقتة. ويقول تقرير لموقع (جلوبال ريسيرش)، الكندي إنه لكي نفهم هذه التغيرات الكاسحة في الولاياتالمتحدة والاقتصادات العالمية وأنماط الهجرة، من المهم أن نفهم القوى الاقتصادية التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة، مشيراً إلى أن النظرية الماركسية لتراكم رأس المال تقدم أفضل تفسير لهذه الظاهرة. فتفترض هذه النظرية أن العمل هو مصدر كل الثروة. ويولد الدافع نحو جنى المزيد من الأرباح إلى تبني التكنولوجيا، وتتعاون العمالة مع الآلات معا خلق المزيد من الثروة. ومع ذلك، فمن أجل تعظيم الثروة، يتم إحلال الآلات محل العمال، مما يؤدي للبطالة. وعندما يكون عدد العمال المشردين، بالإضافة إلى السكان أكبر من عدد الوظائف المتاحة فإن النتيجة الحتمية هي جيش احتياطي من العاطلين عن العمل، وتدفع هذه البيئة الناس إلى الهجرة لدول أخرى بحثاً عن فرصة عمل. وتطبق هذه الدول قوانين الهجرة -وهي قوانين مناهضة للعمالة- لإدارة تدفق العاطلين عن العمل من خلال فتح أو إغلاق باب الهجرة لتوفير العمالة الرخيصة. وتتولى بعد ذلك الشركات الرأسمالية السيطرة على العمال العاطلين عن العمل، الذين يضطرون إلى القبول بأجور متدنية وظروف عمل سيئة. وقد أحدث اقتصاد العربة تحولات هائلة في مواقع العمل والذي تحولت في الغالب إلى العالم الافتراضي عن طريق تطبيقات الانترنت في ظل سباق محموم للحد من تكلفه العمل وفي هذه الأجواء يظل المهاجرون أداة للسيطرة الرأسمالية بسبب حالة الشقاق بينهم وبين القوة العاملة الأصلية. وتشمل أهم التحولات في مواقع العمل تلك التي تتصل مباشرة بالتشغيل الآلي واستخدام الدولة قوانين الحق في العمل لتفكيك النقابات، فضلا عن إعادة هيكلة النظام الضريبي. ومن أبرز التحديات التي تواجه العمال في اقتصاد العربة أنهم يصنفون كمقاولين مستقلين، وهذا يعني أنهم لا يتمتعون بالحماية من الفصل التعسفي، ولا يحق لهم تقاضي الحد الأدنى للأجر أو الاجازة مدفوعة الأجر أو حتى الإجازة المرضية. وما يرثى له أن السياسيين في معظم الدول يعدون بخلق فرص عمل، ولكن قلما يتحدثون عن أنواع الوظائف التي يجري توفيرها. وتميل العمالة المؤقتة إلى أن تكون اقل أجراً كما تفتقر في الوقت نفسه للأمن الاقتصادي. ووفقا للتقارير فمنذ عام 2000 ارتفعت نسبة العمال المؤقتين في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لأكثر من 1 في المائة. ويرى الخبراء أن الآثار المترتبة على حاله البطالة الحالية قد تمتد لعقود وتقوض في نهاية المطاف الاستقرار المالي. وأخيراً وليس آخراً فإن التوجه الكبير لاقتصاد العربة يهدد الاستقرار المالي العالمي. وقد يكون ذلك أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت بالمنظمات الدولية مثل البنك الدولي، ومنظمة العمل الدولية، والأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والعديد من الحكومات إلى بذل المزيد من الجهود لمعالجة أزمة البطالة.