أقامت لجنة إبداع التابعة لنادي أبها الأدبي الثلاثاء الماضي جلسة حوارية حول تجربة «شعر الهايكو» مع الشاعر عبدالله الأسمري، المهتم بكتابة شعر الهايكو.. قدم للجلسة وأدارها رئيس اللجنة الأستاذ يحيى العلكمي، والذي بدوره رحب بالحضور، ثم قرأ تعريفا موجزاً عن «شعر الهايكو» ومدى انتشاره والاهتمام به، وقدم لضيف الجلسة.. بداية تحدث الأسمري حول تجربته في كتابة «شعر الهايكو» واهتمامه به حيث قال: يُعد شعر الهايكو واحداً من أهم أشكال الشعر الياباني، وهو عبارة عن قصيدة قصيرة تمثل لحظة التنوير التي تسمى ساتوري لدى اليابانيين، تحاول التعبير عن البهاء الكامن الموجود في الحياة، ويحضر فيها جلال الطبيعة والمظهر العابر للإنسان ومشاهداته الحسية والبصرية المشهدية، حسب تماهي الشاعر مع الطبيعة والذوبان فيها والقبض على اللحظة، وتتكون من مقاطع صوتية، السطر الأول خمسة مقاطع، والثاني سبعة مقاطع صوتية، والثالث خمسة مقاطع، يغذي كل واحد منها الآخر، وهي تعتمد على التكثيف والاختزال اللفظي، مبتعدة عن المحسنات البديعية والمجاز بمعنى التحرر من إثقال البيان، لصالح زوايا جمالية جديدة.. وأضاف: إن الشاعر العربي يجنح للمجاز أحياناً، ويجد صعوبة في الالتزام بالمقاطع، نظراً إلى الفرق بين اللغتين العربية واليابانية، وعرف الهايكو من منظور الشاعر الياباني «باشو» بأنه التعبير عن التأمل والتناغم مع العالم الكبير، موضحاً أن «باشو» قد تجاوز ملكة المحاكاة للطبيعة إلى ملكة التفكير، حيث امتزج مع أزيز الهايكو في صومعته حيناً من الدهر.. وأشار الأسمري إلى سعي الشعراء العرب لتأصيل هذا الجنس الأدبي القادم في لغتهم، ليأخذ طابع الخصوصية والبصمة المتفردة، فرابطة «الهايكو العربي» ورابطة «الهايكو الحر» من أكبر ملتقيات شعر الهايكو، وكذلك المشاركة العربية في مؤتمر ندوة الهايكو العلمية في إيطاليا، حيث مثل العرب الشاعر المغربي سامح درويش والشاعر العراقي عبدالكريم قاصد، وقال: إن المغرب سوف تستضيف المؤتمر الثاني عشر، وهذا دليل على حضور الهايكو العربي على المسرح العالمي.. ثم قرأ الشاعر عبدالله الأسمري نماذج من قصيدة الهايكو: * أيها العنكبوت الصغير هل سيمتد بك العمر أكثر مني؟ * جندب الحقل يحرس البيدر ليل بارد.. * النسر يحلق فوق المراعي الخضراء جناحاه أفق.. * بركة صافية العصافير تحلق في الأعماق.. في نهاية الجلسة شارك الضيف الحضور الحوار حول تجربته، والإجابة عن مداخلاتهم واستفساراتهم حول هذا النوع من الشعر.. ومن جانب آخر قال رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع: إن شعر الهايكو غير برئ من الخلفية العقدية في اليابان، وهي عقيدة الزان وهي شكل من أشكال العقيدة البوذية، وهذا النوع يعتقد بوجود روح ناظمة لكل ذرات الكون، وتجلي هذه الروح يكون من خلال تأمل هذا الكون والاتحاد معه، مشيراً إلى أن التجربة اليابانية تخلو من التجلي الفني والصورة الفنية لهذا التأمل الروحاني أو الذهني للياباني وفق عقيدة الزان، فظهور هذا النوع من الشعر كان استجابة للحاجة إلى وجود تجل فني لهذه العقيدة، وأضاف: إن الجانب الأيدلوجي والفكري حاضر وبقوة في هذا النموذج، وإن لم يظهر في هيئة وصايا أو أفكار مباشرة ولكنه جاء في هيئة استغراق في مفردات الكون المختلفة واللحظات الزمنية، لا سيما الفصول الأربعة التي تحيل إلى دلالات في عقيدة الزان.