اتخذت فضيحة الفساد المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منعطفًا جديدًا مفاجئًا الثلاثاء الماضي، مع ادعاء أن أحد أقرب مستشاريه سعى لرشوة قاض ليسقط تحقيقًا جنائيًا يضم سارة، زوجة نتنياهو. وفي نفس الوقت، ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على العديد من أصدقاء نتنياهو والمقربين منه فضلًا عن مسؤولين كبار بشركة «بيزك» وهي أكبر شركة اتصالات في إسرائيل، وأجرت تحقيقا موسّعا فيما إذا كان نتنياهو قد طلب التأثير في تغطيات إخبارية. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقرير لها: «في وقت متأخر من الثلاثاء الماضي، أصبح وضع نتنياهو أكثر خطورة، حيث توصّل أحد المعتقلين - مسؤول حكومي رفيع المستوى قدم تقارير مباشرة لرئيس الوزراء في قضية شركة بيزك- إلى اتفاق مع المدعين العامين ليصبح شاهدا حكوميا». وبحسب الصحيفة «دعا زعيم حزب العمل «آفي جاباي» شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم إلى الاستقالة من الحكومة، وقال في رسالة وجّهها لأعضاء حزب العمل: إن زمن نتنياهو قد انتهى، وحثهم على الاستعداد لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل». ولفتت «نيويورك تايمز» إلى أنه بحلول صباح الأربعاء الماضي، أصبح أول صدع في حكومة نتنياهو مرئيا عندما دعا عضو حزب الليكود -ينتمي له نتنياهو ويشكل الحكومة بالائتلاف مع أحزاب أخرى- «اورين هازان» نتنياهو للتنحي، ولم يتضح ما إذا كان مشرعون آخرون سيحذون حذو هازان المعروف بصنع العناوين المثيرة أكثر من التأثير على زملائه في الكنيست. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفعل محاصرًا بشبهات الفساد عندما أوصت الشرطة الأسبوع الماضي بخضوعه للتحقيق لقبوله ما قالوا إنه رشى تقارب 300 ألف دولار، تلقاها من رجال أعمال يسعون للحصول على امتيازات في مشروعات حكومية. وتتزايد الضغوط على نتنياهو مع هذه الادعاءات الأخيرة؛ ما يضعه تحت رحمة اليمين الذي سيحاول فرض أجندته بالتوسع في المستوطنات في الضفة الغربية وضمّها، وزيادة الضغط على إيران، حتى يعود هذا اليمين ليدعم نتنياهو. ومن ناحيتها، طالبت أحزاب اليسار والوسط نتنياهو بالاستقالة أو إعلان أنه فقد «الأهلية»، وقال زعيم حزب (ياش عتيد) الوسطي يائير لابيد: «إن على نتنياهو تعيين رئيس وزراء مؤقت من داخل حزبه دون اللجوء لاقتراع ثقة في الكنيست»، وأضاف: «إن إسرائيل تستحق رئيس وزراء يعطيها كل وقته ولا يتورط في شيء آخر». ومن ناحية أخرى، قال زعيم حزب العمل آفي جاباي: «إن كل يوم يبقى فيه نتنياهو في منصبه يسبب الدمار لإسرائيل»، ورثى الأخير قائلا: «أصبح يُشكل هاجسًا مريضًا»، وتساءل عما يمكن أن تكتبه عنه وسائل الإعلام. وقالت الصحيفة: «لكن يبدو أن الحكومة الائتلافية التي يقودها رئيس الوزراء نتنياهو متماسكة وتقف خلفه». ووسط كل هذه الادعاءات كشفت تقارير من تل أبيب أن أقرب مستشاري نتنياهو وهو المحرر المخضرم والمستشار الإعلامى للأسرة «نير هيفتز» قد مرّر رسالة عبر وسيط للمفوض الإسرائيلي للرقابة على النيابة العامة القاضية «هيلا غرستيل» يطلب منها إسقاط تحقيق جنائي ضد سارة نتنياهو مقابل تعيينها نائبًا عامًا. ولم تصبح غريستل نائبًا عامًا، ولم تسقط الاتهامات عن سارة نتنياهو، وأعلن «آفيشاي ماندلبليت» الذي حصل على المنصب اعتزامه توجيه تهمة الاحتيال وتبديد أموال تزيد على 100 ألف دولار ل«سارة»، حينما كانت مسؤولة عن إدارة مقر رئيس الوزراء، وأعلن نير هيفتز تقاعده كمتحدث رسمي للأسرة في أكتوبر الماضي. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى مقال نشرته صحيفة «هآرتس» قالت فيه: «إن المحررين الصحفيين في موقع (والا) التابع لشركة (بيزك) قد تعرضوا لضغوط من قِبَل المدير «الوو فيتش»؛ لتوفير تغطية ملائمة لرئيس الوزراء وزوجته، ومنذ ذلك الحين غيّر موقع (والا) من حِدته تجاه نتنياهو وزوجته». وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بار ايلان، شموئيل ساندلر: «إذا استطاع المحققون إيجاد صلة بين قصة (بيزك) وتغطية موقع (والا) الإخباري، فإن ذلك قد يغيّر كل شيء». وتختم واشنطن بوست: «إن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الادعاء التابع للقاضي غريستل، نتنياهو أو أحد مساعديه باستخدام النيابة العامة كحافز».