لاشك أن الماء نعمة والمحافظة عليه ضرورة خصوصا في المناطق الصحراوية من العالم، وقد قال سبحانه وتعالى:«وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون». ولاشك أن الإسراف في استخدام المياه غير مقبول لا شرعًا ولا عقلًا. ونعم، هناك هدر للمياه ملاحظ منذ عدة عقود، والآبار تعاني في مختلف مناطق المملكة. ولكن مؤخرًا كانت هناك قفزات في مبالغ فاتورة المياه، وكذلك في التعرفة للشرائح الاستهلاكية، والتي أدت إلى تكلفة للمستهلك، وأدت أيضا إلى زيادة طلبات الاعتراضات للمراجعة والتدقيق. ولا أحد يشك أن المواطن والمسؤول يهمهما الحفاظ على الموارد المائية في المملكة، وقد جاء في الأثر «لا تسرف ولو كنت على نهر جارٍ» ولكن لو زادت جرعات حملات التوعية والتعليم قبل التغيير (لمدة سنة على الأقل لأننا نريد تغيير عادات استمرت طويلًا) من خلال كافة القنوات الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي، ولتشمل حتى استخدام اللوحات الإعلانية في الشوارع والطرق، والإشعارات من ملصقات على عدادات المياه لكل بيت ومنشأة لتوضيح التغييرات التي سوف تحدث مع تحديد زمن معين. وكلنا نتفق على أهمية المحافظة على المياه، فتلك غاية لابد منها ولكن هناك تنوعًا في الوسائل والطرق. ولعل من الحلول للمبالغ الحالية المتراكمة والضخمة التي أرقت وأرهقت الكثير، وكذلك لطلبات المراجعة والاعتراضات المتزايدة إعادة النظر في التعرفة الحالية والشرائح الاستهلاكية حيث تتدرج سنويًا لبناء ثقافة لدى المستهلك وأن تتناسب في نهاية المطاف مع ذوي الدخل المحدود والمتوسط. كذلك استعجال النظر وحل الاعتراضات؛ لأن الفاتورة لا تتوقف عن الزيادة خلال فترة الاعتراض مما يفاقم المسألة، فكلما طالت مدة الانتظار لحل المشكلة زادت المبالغ . ولعل من الحلول أيضا تخصيص قسم أو دائرة في مراكز مستقلة حسب المناطق والمدن. وتكون هذه الأقسام والمراكز مؤقتة (مثلا: من سنة إلى 3 سنوات) لحل مشكلة فواتير المبالغ المتراكمة، وكذلك حل المشكلات التقنية لبعض العدادات والقراءات المترتبة عليها. وهذا الحل اعتقد أسرع في إنجاز الإجراءات من اللجان التي ستتزايد عليها الضغوط. وأن يكون في هذا القسم أو الدائرة المؤقتة إداريون وفنيون وقسم محاسبة للبت في المشاكل والحلول والمبالغ المترتبة أو تقسيطها، واعطاؤهم الصلاحيات الضرورية من أجل إنهاء وإنجاز أكبر عدد من المعاملات والاعتراضات. ويمكن التعاون مع مقاولين ومتعاقدين لإنشاء هذه الأقسام أو المراكز من أجل التوظيف لمدد وفترات معلومة، ويكون الهدف والمهمة محددة. الكل يعلم أن الماء عصب الحياة، وكلنا نريد زيادة الوعي الحضاري في الاستهلاك، والتغيير دائما يلقى تحفظًا وممانعة وتلك من طبيعة البشر، ولكن التدرج في التغيير والتطوير ربما يساعد على الفهم وبناء الوعي المجتمعي في تغيير العادات الاستهلاكية القديمة من الإسراف والهدر إلى الترشيد والمحافظة على موارد المياه.