أشغل الناس هذه الأيام الارتفاع الكبير في فواتير المياه، مما جعلها تتصدر حديث المجالس، علماً بأن وزير الماء والكهرباء طمأن المواطنين "بأن فاتورة الماء لا تصل إلى نصف قيمة فاتورة جوال فرد واحد من الأسرة، ونفى أن تكون الوزارة قد حملت المواطن تكاليف التمديدات وغيرها من الخدمات الإنشائية، مبينا أن التعرفة الحالية للمياه لم تصل إلى 30 في المئة من تكلفة المياه والصرف الصحي الفعلية وليس البنية الأساسية، وأن التكاليف بعيدة جداً عن التعرفة، ونحن نثق بحديث معالي الوزير ولا شك في ذلك. ولكن كنا نتمنى أن تسبق هذا الزيادة حملة ثقافة ترشيد المستهلك للمياه والمحافظة على هذا المورد الحيوي، وأن يسبقها معالجة الأخطاء السابقة في العدادات، والتأكد من سلامتها حيث سجلت اعتراضات على فواتير بمبالغ عالية، وعند التأكد اكتشف أنها خطأ من العداد، وأيضاً إرشاد المستهلك إلى كشف تسريبات المياه في المنزل قبل تصريح الوزارة الذي يبرر لهذه المبالغ الفلكية بقولهم: "إن السيفون أكبر مهدر للمياه وانخفاض التعرفة السابقة جعل الناس لا يكترثون بالترشيد".. نعم لم يكترثوا لأن التعرفة الجديدة غير واضحة لدى المواطن البسيط..! وعندما ارتفع سعر الوقود استوعب الناس الزيادة المنطقية وفهموا مستواها وعرفوا مقدار الزيادة، وحينما ارتفع سعر التيار الكهربائي فهم الناس آلية الزيادة والمقارنة بين الاستهلاك السابق والحالي، وكانت الفروقات طبيعية ومعقولة، ولأنها شهرية يسهل مقارنتها، ولكن بالنسبة لفواتير المياه التي صدرت مؤخراً كانت غير واضحة لأنها تصدر كل ثلاثة أشهر ودخلت عليها التعرفة الجديدة وجمعت القديم بالجديد، وكما أن المواطن لم يوضح له طريقة احتساب الشرائح، فكانت الزيادة مضاعفة، والأرقام كانت غريبة وغير طبيعية إطلاقاً مما جعل الشكوك إلى وجود خطأ في نظام الفواتير، وكنا نتمنى من معالي الوزير تكليف شركة المياه وكل ما يمكن أن يخدم المواطن بتوضيح كيفية احتساب التعرفة الجديدة، فهناك أجواء من عدم ثقة بقراءة العداد وعلى الشركة توضيح سبب هذه القفزة والتأكد من صحتها وخلق الثقة لذلك، وأن لا يأخذ الرد على الاستفسارات وقتا طويلاً، وإصدار فواتير دقيقة جداً يكون فيها الاستهلاك واضحا، ودراسة أن تكون شهرياً بدل إصدارها كل ثلاثة أشهر لكي لا تثقل على رب الأسرة.