اختتم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أول أمس الاثنين فعاليات «الحوار الثقافي السعودي - الصيني»، الذي نظمه المركز في الرياض خلال شهر يناير الجاري، بإقامة محاضرة «الطريق إلى الصين: الكشوفات البحرية في القرون الوسطى الإسلامية»، للدكتور ديونيسيوس أجيوس أستاذ الدراسات العربية والثقافة الإسلامية في جامعة إكستر، وسط حضور عدد من المختصين بالشؤون السياسية والخبراء والأكاديميين وسفراء الدول الأجنبية والشخصيات العامة، وذلك في مبنى معهد الفيصل لتنمية الموارد البشرية بالرياض. وأكد د. ديونيسيوس أجيوس في محاضرته، أن التجارة بالبحر والبر مع الصين كانت من أهم مظاهر ازدهار الإسلام في العصور الوسطى، وكذلك الحج الذي أسهم في التبادل التجاري والثقافي بين العرب والمسلمين من جهة والصينيين من جهة أخرى، مشيراً إلى أن أهم أسباب الرحلات إلى الصين بالنسبة للمسافرين كانت التجارة وتبادل المعرفة، فيما كان البحارة يبحثون عن الخبرة والتجربة. وأوضح أن الرحلات البحرية إلى الصين كانت تمثل خطراً كبيراً بالنسبة للمسافرين في القرون الوسطى للعهد الإسلامي، وأن المسافرين كانوا يغامرون بحياتهم بسبب ضعف عوامل الأمن وسوء الأوضاع على السفن بالنسبة للبحارة والمسافرين في جهة نقص الماء وسوء المرافق الصحية والازدحام، مستشهداً بما ذكره العالم المسعودي بأن قوة الرياح والأمواج المتلاطمة كانت تبث الذعر في نفوس المسافرين وتعرضهم لفقدان حياتهم. وذكر أستاذ الدراسات العربية في جامعة إكستر، أن طريق الحرير البحري يعد أهم الطرق، التي ربطت بين الصين والعالم الإسلامي العربي، حيث كان يتم من خلاله نقل الحديد والنحاس والعطور والعاج والحرير والذهب والعنبر والسيراميك والأحجار الكريمة وغيرها، ويمر بالبحر من الشاطئ الصيني إلى مدينة البندقية في إيطاليا وميناء الإسكندرية بمصر وصولاً للبحر المتوسط، فيما ظهر الطريق البري بين النهرين بعد انتشار الإسلام. وأضاف اجيوس: «السفن الصينية كانت تستخدم للتنقل بين الصين والعالم العربي، وتصف المصادر الصينية هذه السفن بأنها كبيرة جداً، ويتم بناؤها في ميناء كالكوتا لمئات الأعوام وأيضاً ميناء عدن. وكان ميناء كالكوتا في الهند وسيلان بسريلانكا نقطة التقاء بين الخليج العربي وبحر الصين. فيما كان الإبحار من وإلى الصين يتوقف على الرياح الموسمية والاهتداء بالنجوم والبوصلة بجانب الخبرة والتجربة، على خلفية تبادل الخبرة والثقافة بين البحارة العرب والهنود والفرس والصينيين. وكانت هناك لغة تجارية مشتركة تشبه العربية بين الصينيين والعرب، وكان السلام والانسجام سمة الحياة حتى وصول الرحلات البرتغالية، التي نشرت ثقافة القرصنة والغزو في المحيط الهندي وتلك الموانئ». يشار إلى أن فعاليات «الحوار الثقافي السعودي - الصيني»، التي نظمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض خلال شهر يناير، شهدت عددا من الفعاليات الثقافية، بدأت بحلقة نقاش بعنوان: «الأمن في منطقة الخليج والعلاقات الخليجية - الصينية»، التي شارك فيها وفد من جامعة بكين، وأدارها د. سعود السرحان الأمين العام للمركز، إضافة إلى محاضرة للبروفيسور يان شويتونج عميد معهد العلاقات الدولية الحديثة في جامعة تشنغهوا الصينية تحت عنوان «الصين والنظام العالمي المتغير»، وأيضاً محاضرة للدكتور ديونيسيوس أجيوس أستاذ الدراسات العربية والثقافة الإسلامية في جامعة إكستر بعنوان «الطريق إلى الصين: الكشوفات البحرية في القرون الوسطى الإسلامية». كما تضمنت الفعاليات تدشين الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، للموقع الإلكتروني الجديد للمركز باللغة الصينية، كأول مركز أبحاث في العالم العربي والشرق الأوسط يدشن موقعه باللغة الصينية، بحضور سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة لي هواشين.