يؤكد تقرير منظمة العمل الدولية على أن هناك ما يقارب 1.4 مليار عامل في وظائف مهددة منذ العام 2017، وتوقع ازدياد عدد المهددين في وظائفهم بنحو 25 مليون شخص إضافي بحلول عام 2019. في حين أنه في البلدان النامية، يعمل ثلاثة من أصل كل أربعة عاملين في وظائف مهددة، ما يعني انعدام الاستقرار الوظيفي وبيئة العمل اللائق. وذلك بعد توقف التقدم الكبير الذي أحرز سابقا في الحد من العمالة الضعيفة منذ عام 2012. لم يبين تقرير منظمة العمل الدولية (اتجاهات 2018) الصادر حديثا الاسباب التي جعلت وظائف اولئك العاملين مهددة، على الرغم من نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة، إلا أنه توقع أن تظل ظروف سوق العمل العربية مستقرة نسبيا مع انخفاض معدل البطالة انخفاضا طفيفا ليصل إلى 8.3% في عام 2018، سرعان ما يتجه نحو الارتفاع في عام 2019 ونتيجة لذلك، سيصبح قرابة 5 ملايين شخص عاطلين عن العمل في عام 2018 وفقا للتقرير. ويأتي ذلك في ظل توقع أن يتحسن النمو الاقتصادى فى الدول العربية ليصل إلى 2.3% هذ العام، بعد أن كان 0.1% فى 2017، وأن يحافظ على هذا المستوى إلى العام 2019. ويعود الفضل في هذه التحسنات المتوقعة إلى انتعاش اقتصاد بلدان مجلس التعاون الخليجي، الذي يُتوقع أن يرتفع ناتجه المحلى الإجمالى بنسبة 2.2% هذا العام، بعد أن كان 0.5% فى عام 2017، والسبب وفقا للتقرير يعود لازدياد نشاط القطاعات غير النفطية واستمرار التوسع فى الموازنات. إلا أن التقرير أكد على مخاوف حقيقية حين أورد «على الرغم من حالة عدم اليقين فى توقعات أسعار النفط، فإن مخاطر الهبوط الكبير ما زالت قائمة نتيجة تفاقم التوترات الجيوسياسية فى دول عدة فى المنطقة. وفى الدول خارج مجلس التعاون الخليجي، ستبقى المخاطر الجيوسياسية طويلة الأمد، وفى بعض الحالات النزاعات المسلحة النشطة، تكبح النشاط الاقتصادى ويُتوقع أن يراوح معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى عند 2 بالمائة فوق التوقعات». في حين ظل معدل البطالة العالمي مستقرا بعد ارتفاعه في عام 2016 ليصل إلى 5.6% في عام 2017، وليبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل بذلك قرابة 193 مليون شخص وبما أن التوقعات الاقتصادية العالمية طويلة الأجل لا تزال متواضعة على الرغم من أن النمو في عام 2017 فاق التوقعات، يعزو التقرير الاتجاه الإيجابي بين عامي 2016 و2017 بشكل رئيسي إلى الأداء القوي لأسواق العمل في البلدان المتقدمة، حيث يُتوقع انخفاض معدل البطالة بمقدار 0.2 نقطة مئوية إضافية في عام 2018 ليصل إلى 5.5%، وهو أدنى من مستويات قبل الأزمة. وعلى النقيض من ذلك، يُتوقع أن يكون نمو التوظيف أقل من نمو القوى العاملة في البلدان الصاعدة والنامية، ولكنها مع ذلك أفضل من عام 2016. ولكن يبين التقرير أن وظائف قطاع الخدمات هي المحرك الرئيسي لنمو العمالة في المستقبل، فيما تواصل العمالة في قطاعي الزراعة والصناعة الانخفاض. وبما أن العمالة غير النظامية منتشرة في كل من الزراعة وخدمات السوق، فالعمليات المتوقعة في القطاعات قد لا يكون لها سوى إمكانات محدودة للحد من العجز في العمل اللائق، إن لم تكن مصحوبة بجهود قوية متعلقة بالسياسات لتعزيز جودة الوظائف والإنتاجية في قطاع الخدمات. كما يبحث التقرير في تأثير شيخوخة السكان. وهو يبين أن نمو القوى العاملة العالمية لن يكون كافيا للتعويض عن الزيادة السريعة في عدد المتقاعدين، ومن المتوقع أن يرتفع متوسط عمر العاملين من أقل من 40 عاماً في 2017 إلى أكثر من 41 في عام 2030. إنها مفاهيم يجب الاحاطة علما بها، نسبة البطالة المرتفعة تشكل العمود الهام في اعمدة الاقتصاد وأي خلل به سيهوي بالنمو، فالنمو الحقيقي في اي اقتصاد يقاس بمعدل انخفاض نسبة العاطلين وارتفاع نسبة العاملين، بيد أنه في ظل ارتفاع عدد العاطلين وانتشار ظاهرة العمل غير المستقر واضطرار الكثير من العاطلين للعمل بعيدا على تخصصهم الدراسي، وتشكل قطاعات عمل ادت لدحر قطاعات اخرى ليستعان فيها بالعمالة الاجنبية، نجد أن ارتفاع اعداد المتقاعدين بات يشكل وهنا آخر في سوق العمل الخليجي، فظاهرة التقاعد المبكر تشير الى انسحاب العديد من الكفاءات وانحسارها من سوق العمل وهي في أوج عطائها.