كان تقرير صندوق النقد العربي «آفاق الاقتصاد العربي» المتضمن التوقعات الاقتصادية الخاص بالدول العربية الذي صدر قبل يومين مليئا بالنظرة التفاؤلية، تلك التي لم نعد نراها في تقارير الصندوق الدولي مؤخرا، إذ يبدو أنه يعكس جانبا عربيا أصيلا لدينا، على الرغم من تقليده حتى لعناوين التقارير الحولية لصندوق النقد الدولي. لسنا في وضع التفاؤل وإن كنا نرجوه ونبتغيه ونريده ونتمناه، فكل تلك الأفعال «الحاضرة» لن تعكس الحقيقة، فالواقع يقول إن هناك هجرة للاستثمارات الاجنبية، ومعدل البطالة في تصاعد، وهناك شح في الوظائف، وأزمة تسببت بتوقف بعض المشاريع التنموية، وأوضاع عربية سيئة أمنيا ومعيشيا تنعكس على الاقتصاد العربي كله وتستنزفه كله «كالجسد الواحد». التقرير «العربي» يشير إلى أزمة اقتصادية تحسن الحكومات العربية التعامل معها، متوقعا تجاوزها بحلول 2017، مع التدابير «التقشفية» المعمول بها، ونقتبس ثناء للدول الخليجية: «يتضمن مزيج سياسات التصحيح المالي المتبعة في كل من هذه الدول سياسات واسعة النطاق لترشيد الدعم الحكومي لخفض مستوى العجز المالي وتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد غير المتجددة. تلك السياسات رغم كونها ستعمل خلال الأجل القصير على خفض مستويات الدخل المتاح للإنفاق، إلا أنها ستساعد في الأجلين المتوسط والطويل على توجيه الموارد الاقتصادية للقطاعات الأكثر كفاءة وقدرة على توفير المزيد من فرص العمل، وستحقق وفرا ماليا على مستوى دول المجموعة يقدر بنحو 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي»، «كمحصلة، يتوقع تسجيل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية معدل نمو يتراوح حول 2.5 في المائة في عام 2016، مقارنة بنحو 3 في المائة لتقديرات النمو لعام 2015. فيما يتوقع على ضوء التحسن المتوقع في الأسعار العالمية للنفط بنسبة 15 في المائة العام المقبل، تحقيق دول المجلس نموا بحدود 2.6 في المائة عام 2017» بحسب تقرير صندوق النقد العربي. في الوقت الذي يشير فيه تقرير «آفاق الاقتصاد الاقليمي» لصندوق النقد الدولي إلى أن: «انخفاض أسعار النفط سوف يرغم حكومات البلدان المصدرة للنفط في نهاية المطاف على خفض التوظيف في القطاع العام. ففي مجلس التعاون الخليجي، من المتوقع انضمام أكثر من مليوني مواطن للقوة العاملة بحلول عام 2020. وإذا استمر نمو فرص العمل في القطاع الخاص على المنوال السابق، واستمر تعيين موظفي القطاع العام على نحو يتوافق مع توقعات المالية العامة في الوقت الحالي، فإن أكثر من نصف مليون مواطن من الداخلين الجدد لسوق العمل سينتهي بهم المطاف في صفوف العاطلين، وسوف يرتفع معدل البطالة الكلي من 12.75 بالمائة إلى 16 بالمائة. ومن الواضح أنه إذا ما تم إجراء المزيد من التصحيحات المالية، وكان بعضها بشكل تقييد التعيين في القطاع العام، فسيرتفع معدل البطالة لمستويات أعلى».