تتباين الرؤى بين فنان وآخر حول أهمية «المعرض التشكيلي الشخصي»، حيث يرى البعض أن المعرض مناسبة لعرض تجربته البصرية الخاصة، وآخرون ما زالوا يحملون تصورا مغايرا عن المعرض الشخصي الذي يعد من أهم الأهداف التي يضعها التشكيليون أمام أعينهم. (اليوم) حاورت - (في جزءين) - عددا من الفنانين والفنانات والنقاد التشكيليين بالمملكة والوطن العربي حول موضوع المعرض الشخصي وما يجب أن يتضمنه وكيفية تحقيق الأهداف المرجوة منه. المشروع المنتظر# في البدء تتحدث الفنانة والكاتبة ليلى جوهر من جدة والتي تحظى باحترام كبير في الوسط التشكيلي لكتاباتها الرصينة والمتخصصة في الفنون التشكيلية وتقول: يعد المعرض الشخصي للفنان التشكيلي مشروعه المنتظر والمؤمل من قبل الجمهور ومتلقي الفنون التشكيلية، حيث يطرح الفنان فكرته الفلسفية والجمالية التي تعتبر نتاج تجربته من مرحلة الموهبة حتى الاحتراف، لذلك لابد من عرض إنتاجه الفني في مراحل مسيرته تصاعديًا مع التجربة في تناغم مدروس، وبتصوير وتشكيل جميل ومتقن يرضي من خلاله ذاته، ليضيف بعدها المستجد لتجاربه بما يواكب فنون العالم من حوله بعد خوض تجربته في محيط البيئة الخاصة به، وهنا يأتي دور النقاد والمتلقين والمهتمين بالشأن الثقافي والفني للوقوف والدراسة والتسجيل للتوثيق والقراءة أثناء عرضه لتجربته. رسالة للتاريخ فيما يرى الفنان التشكيلي السوداني د. راشد دياب أن المعرض الشخصي للفنان التشكيلي يجب أن يحمل رسالة للتاريخ عما يدور في عقله من تصورات في مرحلة معينة بغرض المشاركة الآنية في مراحل تطوره الإبداعي وهمومه، حينها قد يكتشف صلته بالآخر وقد تكون فرصة حتى بالنسبة للفنان ليكتشف درجات من الوعي الإدراكي الغائب في نهاية اللوحة نفسها من درجات لونية ونظم في الشكل وغيره، خارج نطاق خبرته وإرادته الخاصة. خبرة بصرية من جهته أكد الفنان والناقد التشكيلي السعودي عبدالرحمن مغربي أن الهدف من المعرض الشخصي هو استعراض تجربة الفنان والذي يجب أن تكون لديه خبرة بصرية وممارسة للفعل التشكيلي لعدة سنوات. وأضاف: للأسف الشديد يلاحظ هذه الأيام تنظيم معارض غير منطقية أساسا لاشخاص تجربتهم بسيطة، ما يجعل الأعمال المعروضة ركيكة ولا تحمل أي قضية أو هاجس فني، وهذا شيء طبيعي بسبب أن الفنان لم يأخذ وقته من الممارسة والتجريب والمثابرة حتى يصل لخط وأسلوب معين. المعارض الجماعية# ذكر الكاتب والناقد التشكيلي المصري راضي جودة ان الفنان الراحل محمد العمير قبل وفاته صرح له بأنه يتطلع لاقامة معرضه الشخصي الأول، إلا ان المرض لم يمهله فتوفي دون تحقيق ذلك الحلم، رغم أنه صاحب تجربة قوية في التشكيل والنحت ايضا ومشاركات متعددة في المعارض الجماعية. وأضاف جودة: تعتبر المشاركات الجماعية مثل المائدة التي تحتوي على اصناف مختلفة من الفواكه، فيما ينتقي كل من الجالسين حولها ما يحلو له، لذلك ينتاب الفنان شعور بضرورة تقييم تجربته وخلق جمهور يتعرف على رسالته من خلال معرض شخصي، وهذا بالطبع جيد ومحمود. إغراء الشهرة الفنان التشكيلي الشيخ ادريس يرى أن الكثير من الفنانين المبتدئين يتعجل في إقامة المعارض الشخصية قبل نضج مقدراتهم الإبداعية لأسباب عدة أهمها رغبتهم في تأكيد بلوغهم النضج الفني، وليعيشوا مع تفاعل المتلقين لمنتجهم الفني، وقد تغريهم الشهرة ويبهجهم التطبيل من بعض المتكسبين وأصحاب المصالح المتبادلة.