قبل أن يلفظ عام 2017 آخر أنفاسه بأيام قليلة اندلعت في إيران انتفاضة شعبية عارمة طال تأخرها لعقود وعمت كل أنحاء إيران ضد إجرام عصابة الملالي في طهران، الذي مارسته على الشعوب الإيرانية منذ 4 عقود، أدت هذه الممارسات الإجرامية والقمعية الوحشية إلى ترهيب وإفقار وتجويع وسرقة مقدرات الشعوب الإيرانية، التي هبت ثائرةً على هذه الجرائم رافعةً شعارات عدة منها أن الشعوب الإيرانية أولى بخيراتها وثرواتها من أن تصرف بنزق وتهور على عصابات طائفية عربية عميلة لعصابة الملالي بطهران، مطالبةً عصابة الملالي بترك العرب وشأنهم والالتفات إلى مآسي الشعوب الإيرانية، كما أن هذه الشعوب ولأول مرة كسرت الكثير من المحرمات وطالبت برحيل رأس هذه العصابة. بعد هذه الانتفاضة الشعبية العفوية أتى رد الملالي المعتاد على مطالب الشعوب الإيرانية بتوجيه الاتهام للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بالوقوف وراء هذه الانتفاضة والتدخل في الشؤون الإيرانية والتآمر على عصابة الملالي، والعجيب في هذا الاتهام هو أن عصابة الملالي هذه لم تترك بقعة على وجه الأرض إلا ودست أنفها فيها، ولم تترك دولةً إلا وتآمرت عليها. إن حديث عصابات الملالي عن التدخل في شؤون الآخرين وعن التآمر والمؤامرات هو محض كذب وحديث ممجوج ومكرور، حيث إن هذا الخطاب التآمري كان أحد شعارات الملالي منذ اختطافهم لثورة الشعوب الإيرانية عام 79 وتبناه من بعدهم كل الدمى والعملاء من الشراذم الطائفية في الوطن العربي، خصوصاً بعد ثورة الشعب السوري على الظلم والطغيان، التي أسموها كذبا وزوراً بالمؤامرة الكونية على سوريا، لكن الشارع الإيراني لم تعد تنطلي عليه هذه الأكاذيب، التي أعاد عصابة الملالي تكرارها خلال الانتفاضة الأخيرة بكل وقاحة واستهتار بعقله، الذي بات يعلم أن التآمر الحقيقي تم مع هذه العصابة الكهنوتية وعملائها ضد الشعوب الإيرانية والشعب العربي وليس ضدها، كما تحاول ترويجه هي وأدواتها من العرب الطائفيين العملاء والحاقدين وبعض البلهاء الذين أصبحوا فرساً أكثر من الفرس أنفسهم، مُسَخرين كالبهائم لخدمة مشروع الملالي المدمر داخل دولهم وضد عروبتهم، بل اتخذوا دين الصفوية المحرف ديناً لهم وتركوا عقيدتهم الأصلية، نرى هذا واضحاً في لبنان والعراق واليمن. إضافةً إلى الدجل والكذب في الحديث عن المؤامرة والتآمر، فقد مارست عصابة الملالي أشد انواع القمع والبطش وأكثرها وحشيةً لقمع هذه الانتفاضة تماماً كما يفعل عملاؤها في الوطن العربي. وعودةً إلى أكاذيب الملالي عن التآمر واتهام الولاياتالمتحدة به أقول: لو كانت الولاياتالمتحدة جادة في إسقاط هذه العصابة الفاجرة في طهران لما أطلقت التصريحات، التي في ظاهرها إدانةً للملالي ودعماً للشعوب الإيرانية، لكنها عملياً تؤكد أكاذيب عصابة الملالي عن أن أعداء إيران وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة هم مَنْ يقف وراء هذه الانتفاضة الشعبية العفوية؛ حيث إن المحرك الرئيس والدافع الوحيد لهذه الانتفاضة هو إجرام وتهور وفساد عصابة الملالي خلال الأربعة عقود الماضية وليس أي شيء آخر. إن أكبر دعم تلقته عصابات الملالي في طهران أثناء هذه الانتفاضة الشعبية هو تصريحات ترامب وإدارته وهو في نفس الوقت أكبر إحباط تلقته هذه الانتفاضة. وتتمتع الولاياتالمتحدة بتاريخ طويل وحافل من التصريحات المخادعة والمضللة، ويكفينا هنا الاستشهاد بموقفها المخادع من الثورة السورية عند بدايتها وأثنائها، الذي كان له الدور الحاسم في إحباط هذه الثورة منذ بدايتها وقبل اختراع النصرة وداعش بمدةٍ طويلة، حيث إن شعار المؤامرة الكونية ضد سوريا، الذي رفعته عصابة الأسد وحلفاؤها الفرس وأذنابهم الطائفيون العرب، هذه المؤامرة كانت في الحقيقة مع الأسد ضد الشعب السوري وقد أثبتت الأحداث اللاحقة حتى اليوم صدقية هذا الكلام، والولاياتالمتحدة بمواقفها المخادعة كانت قائدة هذا التآمر. ومع كل هذا التآمر ضد إرادة الشعوب الإيرانية في الحرية والعيش الكريم، فلقد أثبتت هذه الانتفاضة أن الصنم قد كُسِر ولن تعود الشعوب الإيرانية إلى الوراء بعد هذه الانتفاضة، وأن ما بعدها ليس كما قبلها فالشعوب الإيرانية رائدة في النضال طلباً للحرية والديمقراطية الحقيقية وتاريخها الحديث يشهد على هذا منذ ثورتها على الشاه الأسبق في مطلع القرن العشرين، فلئن قُمِعت هذه الانتفاضة فإنها قد مهدت الطريق وفتحت الباب واسعاً ورفعت سقف مطالب الشعوب الإيرانية من الإصلاح إلى رحيل هذه العصابة ورأسها الكهنوتي. طالبة ترفع قبضتها وسط دخان الغاز المسيل للدموع في طهران (أ ف ب)