بداية أبارك للدكتور عبدالله أبو ثنين تكليفه محافظاً لهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، والتي نتطلع لأن يكون لها دور أكبر خلال الفترة في ظل التغيرات الحاصلة في سوق العمل، حتى يكون المسار واضحا والتقليل من معدلات البطالة تدريجيا. قضية مثل قضية البطالة لا يمكن القضاء عليها كليا بشكل تام في المملكة، ونحتاج لتقسيم التعامل معها وفقاً للمناطق بسبب اختلاف الحلول من منطقة لمنطقة، والمهم هو الحد من معدلاتها تدريجيا وإيجاد الحلول التي ستساهم في تطوير سوق العمل وتقليل تواجد الأيدي العاملة غير السعودية مثل الأتمتة وغيرها، وبلا شك نجد أن البعض ينظر للأتمتة بشكل سلبي بحجة أنها ستقضي على تواجد العنصر البشري متجاهلين أنها داعم أساس لفتح فرص ومشاريع تجارية وخدمية وصناعية جديدة للسوق وتقلل من تواجد الأيدي العاملة غير السعودية متدنية الأجر مما سينظم ذلك كثيرا من القطاعات. منطقياً لا يمكن أن تُرمى التهم على جهة واحدة فيما يخص ارتفاع أو انخفاض معدلات البطالة، فالقضية تشترك فيها عدة جهات وليست جهة واحدة، ولكن ما زلت أرى أن هناك تداخلا في الأهداف بين أكثر من جهة ويحتاج لتنسيق أكبر، ومتفائل بأن الوضع الحالي سيختلف بعد العمل الفعلي للهيئة، حيث إنها ستكون فعلياً المظلة المؤسسية التي ستتكامل فيها جهود التوطين بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة، وستتولى التنسيق بينهم في سبيل تحقيق تطلعات الدولة في تقليل معدلات البطالة، بمعنى أنه سيكون هناك تنظيمات وتغييرات أكبر لها تأثير فعلي على سوق العمل وقضية البطالة. بالرجوع لبعض أهداف الهيئة المعلنة في التنظيم الذي تم الإعلان عنه عند تأسيسها، نجد أن الهدف الأول مختص بتفعيل التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل وتعزيز المشاركة بينها فيما يتعلق بتوليد الوظائف ومكافحة البطالة ومعالجة القضايا المشتركة، وحتى لا يكون هناك تداخل في الأهداف، من المهم أن تتولى الهيئة قيادة التنسيق بين الجهات المعنية وبشكل أوضح. أما بالنسبة للهدف الثاني المختص بالعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف، فمن المهم أن تعمل الهيئة على بعض التوجهات الشبيهة نوعاً ما بالتوجهات التي قامت عليها حكومة كوريا الجنوبية في الحفاظ على الوظيفة من خلال حماية المنشآت الهادفة للربح من الانهيار ودعم المنشآت التي تحاول جاهدة الإبقاء على العمالة التي لديها. أما بالنسبة للهدف الثالث المختص باستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة، فأرى أن تتركز توصيات الهيئة في التقسيم المناطقي كأساس لإيجاد الحلول وذلك يرجع لاعتبارات عديدة تختلف من منطقة لأخرى. أي حلول تتعلق بسوق العمل وتشمل التوظيف والإحلال والتطوير وتحسين بيئة العمل، لا يمكننا الوصول لها إلا من خلال مختصين في مجال الموارد البشرية، ومن المنطقي إذا كان لدينا قضية تتعلق بالبترول في المملكة فلا يمكن أن يتم إيجاد حلول لها من خلال أعضاء هيئة تدريس «على سبيل المثال» في مجالات بعيدة عن التخصصات البترولية حتى ولو كانت خبراتهم تتجاوز عشرات السنين وإنجازاتهم عديدة، لذا من المهم أن يتم تشكيل فريق استشاري مناطقي يتكون من مختصين سعوديين بالموارد البشرية في مختلف الأنشطة التي تم تقسيم السوق عليها في برنامج نطاقات مثل «الصناعة، السياحة، الصحة، الخدمات، التجزئة.. الخ» ويتم الأخذ بتوصياتهم بشكل دوري، لأن التعامل الداخلي في كل قطاع يختلف عن غيره بالإضافة لاختلاف المناطق، إضافة لذلك من المهم أن يكون هناك تقسيم لمسارات البطالة على النحو التالي ولكل جنس على حدة «مسار للعاطلين عن العمل في الوقت الحالي» و«مسار للداخلين والخارجين المحتملين لسوق العمل خلال فترة محددة» و«مسار لتوسيع القاعدة الوظيفية وتشجيع الانتقال للعمل الحر»، فقضية توليد الوظائف وإيجاد حلول للبطالة تختلف لكل نشاط عن الآخر ولكل منطقة وجنس. ختاماً: جهود الدكتور وخبرته وقربه من سوق العمل من خلال عمله بوزارة العمل يجعلني متفائلاً بوجود بصمات وتحرك فعلي لهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، أعانه الله على حمل الأمانة والقيام بها خير قيام.