إن التخاطب بين البشر وحوارهم وطرح المواضيع يحتاج لصيغة جاذبة وأسلوب مهذب وراقٍ يشد الفكر ويضيف الكثير للذات، ولكن مع الأسف انتشرت في الفترة الاخيرة ظاهرة تزعج الكثير وهي التسجيلات والحوارات التي لا ترتقي لخلق أو أسلوب، فتجد من يخوض في التفاهات وتحجز له القاعات لطرح أسخف المواضيع التي لا تضيف شيئا يذكر. وكم أحزنني عندما يتناقل البعض عبر وسائل الاتصال محاضرة لإنسانة تمادت في ألفاظها التي يجب ان تختارها مراعاة للذوق العام، ولكنها تجاوزت الحدود بقدح من الكلمات التي تجرح الذوق العام وأنا أخجل من ذكرها بين سطوري، ومحاضرة يطلقها آخر فيها من التهجم والتجني والكذب والافتراءات المكذوبة، متى نختار عباراتنا وكلماتنا؟ إن الأسلوب الراقي والكلمات الراقية لها تأثير يستمر لأجيال وسنوات عديدة لماذا لا نختار عباراتنا؟ لماذا نتمادى في سقوط أسلوبنا؟ كيف يقتدي بِنا الأجيال القادمة؟ لماذا لا نحارب التفاهات في الحوارات والنقاشات التي تجرح المشاعر والشعور؟ الإنسان كلمة وعبارة تحدد شخصيته وتوجهاته. نحن نملك أجمل لغة في العالم لغة القرآن، وهي لغة التخاطب والحوار، بدايته سلام وحسن كلام ومضمونه كلمات تحترم الرأي العام. إن هذه الحوارات والمحاضرات التي تسيء للرأي العام ونقلها علي وسائل الاتصالات يجب محاربته بكل الطرق لأن الجيل القادم بحاجة لحصيلة من العبارات والكلمات تحصنه، ويجب محاربة الأسلوب الهجومي الذي يخترع الأساليب والاكاذيب ليضلل البعض. إن لدينا موروثا من الكلمات والعبارات تبني أمما لذلك يجب ان نردد: إنما الامم الأخلاق ما بقيت إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. إن اختيار المواضيع والبعد عن التهكم والتهجم والألفاظ المبتذلة له دور أساسي ومهم في بناء شخصية الأجيال القادمة، ولنحرص على اختيار ما نسمع وما نحاور وعدم نقل وسماع محاضرات لأناس هدفهم الظهور وعرض كل رخيص من القول والعمل علي كل المستويات، وليكن هدف الجميع الارتقاء بالفكر وليكن شعارنا إن أعلى مراحل الثقافة الخلقية التي يمكن الوصول اليها هو إدراك ان علينا التحكم في أفكارنا. لذلك اختر كلامك قبل ان تتحدث وأعط الاختيار وقتا كافيا لنضج الكلام، فالكلمات كالثمار تحتاج وقتا حتى تنضج ويجب تحري الدقة في المعلومة وعدم تناقل عبارات بأسلوب يسيء للجميع والبعد عن كل ما يجرح الذوق العام، ولتكن كلماتك وعباراتك جواهر تنتقى وليست أحجارا ترمى، فهناك كلمات من مئات السنين صالحة لكل المواقف ويتعلم منها الأجيال، فلنحافظ علي ثروتنا الفكرية واحترام الرأي الآخر والبعد عن نشر التفاهات واللغط في الكلام.