انطلق الخميس الماضي تفعيل (برنامج حساب المواطن)؛ الذي انتظره ملايين السعوديين منذ إعلانه في فبراير 2017؛ وقد استقبلت حسابات المستفيدين أول إيداع فِعّلي من البرنامج في دورته الأولى؛ على كل حال بداية موفقة لبرنامج فكرته مستحدثة وجديد في مضمونه؛ فلأول مرة تخوض الدولة والمواطن معاً؛ تجربة (برنامج حساب المواطن)؛ الذي يُعدّ أول برنامج حكومي يقوم بدعم الأسرة مباشرة؛ وهو ما يعتبر سابقة نموذجية وعصرية؛ تحسب للمملكة على المستوى العالمي؛ فالدولة وهي تَشرع حالياً في إصلاحاتها المالية والاقتصادية؛ حرصت على أن لا تتضرر الأسرة السعودية؛ وعملت ما يلزم لتُخفّف عنها وطأة الآثار المحتملة لهذا الإجراء؛ وهنا تكونت فكرة حساب المواطن لتساعد المواطن على مواجهة الارتفاعات المتوقعة؛ لأسعار الطاقة والماء ومعها ضريبة القيمة المضافة؛ ومتوقع مع بداية تطبيق برنامج حساب المواطن؛ أن تلمس الأسر السعودية أثره الإيجابي؛ فالمواطن حصل أخيراً على الحماية الكافية من جشع التجار؛ الذين كانت استفادتهم مضاعفة؛ من السلع والخدمات المدعومة حكومياً بحوالي 400 مليار ريال؛ بمعنى أن ناتج خفض قيمة فاتورة المنتج المدعوم سابقاً؛ ستوجّهُه الدولة للمستحقين الحقيقيين كدعم نقدي مباشر؛ وهذا يعطي المواطن حرية التصرف فله خياراته في صرفه للمبلغ؛ ويمكّنه من توفير احتياجاته بشكل مستمر؛ عموماً هذا البرنامج وجد ليستمر ما استمرت الإصلاحات الاقتصادية؛ وحساب المواطن كغيره من البرامج الحديثة؛ التي تحتاج لمتابعة ورقابة مستمرة لأدائها؛ وما يُطمئننا هو تأكيدات القائمين على البرنامج؛ بأن هناك إعادة تقييم ومراجعة شاملة ستكون بشكل ربع سنوي؛ ولا شك إذا ما اتبعت هذه الآلية في المتابعة؛ فإن فيها ضمان استمرارية البرنامج بكفاءة عالية؛ وهي الطريقة الوحيدة الكفيلة بإبرازالمخرجات الحقيقية لحساب المواطن؛ وعلى ضوئها يتَحَدّد ما إذا كانت مبالغ الاستحقاق تفي بالغرض من عدمه؛ ويأمل المستفيدون في حال قصُر الدعم عن تلبية متطلباتهم؛ أن يبادر القائمون على البرنامج؛ بعمل التعديلات الملائمة على حجم الدعم؛ بما يتلاءم مع حجم المتغيرات؛ ليبقى حساب المواطن تجربة سعودية رائدة ونموذج دعم مميز!! بقي أن يعي المواطن بأن حساب المواطن؛ ليس شكلا من اشكال الضمان الاجتماعي؛ فلا يعتقد أحدنا أن الدعم بمثابة تعويض كامل سيفي بكل احتياجه؛ فهذا الفهم غير صحيح! فالمسئولون باختصار صرحوا بأن حساب المواطن؛ مجرد (تخفيف) من آثار الإجراءات الاقتصادية؛ بمعنى أن الدعم لن يفي بكامل احتياجات المواطن؛ وهنا يتضاعف حجم مسئولية الأسرة؛ فبأيدينا رفع الضرر كاملاً عن أنفسنا؛ متى ما استوعبنا جيداً ظروف المرحلة الجديدة؛ وتكيّفنا معها بشيء من المسئولية والجدية؛ فحساب المواطن أعطانا الفرصة؛ حتى نعيد النظر كمواطنين في أسلوب انفاقنا؛ فلابد أن نراجع ثقافتنا الاستهلاكية؛ فباستطاعتنا أن نوقف كثيرا من مظاهر البذخ وسلوكيات التباهي التي مازالت تمارس؛ ومحورها الإسراف والتنافس في التبذير؛ بالإضافة للصرف الهائل على الكماليات؛ وهذه التصرفات لا تمارس عن قناعة منا؛ إنما من باب المحاكاة وأحياناً المجاملة؛ من رأيي أن الوقت حان ليُحّدِث المجتمع انقلابه؛ على كثير من عاداته المجتمعية المخالفة للشرع والعقل؛ دعونا نستبدل ثقافة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»؛ بشعار «احفظ ما في الجيب تحسباً لما في الغيب»؛ متفائل بأن حساب المواطن سيحدث تحولات اجتماعية إيجابية؛ ولكن من سيقود التغير!؟