لا توجد منظمة بدون إدارة، فالمدير هو المحرك الرئيس للعمليات الإدارية والتنظيمية والتنفيذية داخل المنظمة، ولهذا يبحث المديرون دائما عن أفضل الأساليب التي تعينهم على الإدارة بفعالية. والحقيقة، تزخر كتب الإدارة بالأساليب الإدارية الحديثة لإدارة المنظمات، ولكن يجب أن نعرف أن اختيار أسلوب الإدارة يرجع بصورة أساسية إلى المدير نفسه وخبراته وفكره وما يتطلع إليه من أهداف أو ما يراه مناسبا لإدارة الواقع الذي أمامه داخل المنظمة، ولهذا نجد أن هناك اختلافا في نظم إدارة المنظمات وفقا لاختلاف شخصيات المديرين وفكرهم وطريقة تفكيرهم أو رؤيتهم الذاتية لعملية الإدارة، ولكن أثبت العديد من الأبحاث والدراسات أن المدير الناجح والفعال هو ذلك المدير الذي يكون أكثر اقترابا من كافة العمليات التي تدار داخل منظمته أو شركاته أو مؤسسته، ولهذا ظهر أسلوب الإدارة بالتجوال كأحد الأساليب الإدارية الحديثة التي تؤمن بأهمية اقتراب المدير من مجريات العمل اليومية في كافة الأقسام والإدارات بمنظمته، حيث يحرص المديرون المستخدمون لهذا الأسلوب على البقاء قرب ميادين العمل الفعلية، إذا يعدون لقاءاتهم المنتظمة مع الفرق العاملة معهم عاملا حيويا لنجاح أعمالهم، ولهذا ينظر الخبراء في إدارة المنظمات إلى أن المدير الذي يستخدم الإدارة بالتجوال على أنه من القيادات الإدارية المتميزة، فهو يتصف بقدرته على الحركة والنشاط والمبادرة والأخذ بزمام الأمور والطموح والرؤية المستقبلية، وأن يكون لديه القدرة على استثمار وتوزيع وقته داخل المنظمة، بالإضافة إلى تمتعه بالفهم والتحليل والاستنتاج وسرعة البديهة والطلاقة اللفظية وحسن التصرف في المواقف الطارئة أو المفاجئة، أضف إلى ذلك ضرورة تملكه للنظرة إلى الأمور بطريقة موضوعية تساعده على اكتشاف الطاقات الإبداعية في ميدان العمل وتشجيعها والاستفادة منها لصالح العمل، ولذا تعد الإدارة بالتجوال نموذجا حقيقا لتحقيق الأهداف، وفرصة للاطلاع على ما يجرى داخل المنظمة ومناقشة العاملين في تخصصات مختلفة حول أفكارهم والمشكلات التي تعترضهم وانجازاتهم الفردية، وما يمتلكه كل منهم من قدرات. والأجمل في هذا الأسلوب الإدارى أن يتم في أغلب الأوقات في أجواء غير رسمية، وبعض المديرين قد يختار التجوال بإخطار العاملين مسبقا أو بدون إخطارهم ولكل من هذه الطرق هدفه، والحقيقة أن اقتراب المديرين من ميدان العمل يشعر العاملين بأهمية الوقت ويحثهم على الالتزام والدقة في إتقان عملهم، إن الإدارة بالتجوال تعد أداة لدعم التفاعل بين الإدارة والعاملين واستثمار المعلومات وتحفيز التفاعل الرأسي والأفقي في المنظمة مما ينشط العمليات التحويلية ويرقي من مخرجات العمل، وهذا بدوره يحسن من كفاءة المنتج أو الخدمة، والحقيقة إن هذا الأسلوب يزيد من فاعلية اتخاذ القرارات وصناعة السياسات في المنظمة ووضع الخطط في ضوء معلومات واقعية موضوعية، وهى تعتبر إدارة من الواقع تترسمها الموضوعية، ولذلك من الضروري التوسع في نظم وأساليب الإدارة التي تستهدف تحقيق أهداف المنظمة بدرجة عالية من الكفاءة والفاعلية.