أصاب رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، عندما قال: «إن استقالته هي لإحداث صدمة إيجابية»، ولا يضاهي اعتماد لبنان «سياسة النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة فعلاً وقولاً أي مطلب آخر لطالما نادت به قوى 14 آذار جرّاء تورط «حزب الله» في حروب الجوار، لاسيما سوريا واليمن، في وقت لفت فيه قيادي ب«تيار المستقبل» ل«اليوم» إلى أن من شروط الحريري للتريث عن الاستقالة كان انسحاب الحزب من القتال في اليمن، فيما قال محلل سياسي: «طالما إيران موجودة فحزب الله موجود». ونجد أن لبنان تكلف ثمنا باهظا جرّاء تنفيذ «حزب الله» لأجندة إيران على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، لتأتي خطوة الحريري الصادمة ب«هزّ العصا» أمام وجه الحزب لإجباره على العودة إلى لبنانيته وعروبته، واضعاً نصب أعينه مبدأ أساسيا، ألا وهو «لبنان أولاً». انسحاب الحزب وفي سياق ما سبق، يفسر عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»، راشد فايد، تصريح الرئيس سعد الحريري إلى صحيفة فرنسية، عندما قال: «حزب الله لا يستخدم سلاحه في الداخل اللبناني، والمشكلة أنه يستخدمه في الدول العربية والخليجية حصراً». ويلفت فايد إلى «أن أحد الشروط الثلاثة، التي وضعها الرئيس الحريري حينما أعلن تريثه عن الاستقالة نصت على عدم استخدام سلاح حزب الله في المنطقة العربية، وبالتالي الجواب يبنى على المساعي الفرنسية - المصرية - الروسية»، وتابع: «يجب التذكير بأن السفير الروسي في لبنان إلكسندر زاسبكين قال في تصريح صحفي منذ ثلاثة أيام: إنه على حزب الله وإيران التخفيف من وجوديهما في سوريا، إذاً هناك أمر ما يرتب في إطار هذا التحرك الفرنسي - المصري - الروسي». ويشير القيادي بالتيار إلى «أن تصريحات الأطراف السياسية والتحرك الشعبي، الذي واكب عودة الحريري إلى بيروت، يقول: إنه موضع ثقة، والمؤشر إلى ذلك كما هي العادة دائماً هو وضع سندات (الأوروبوند)، والأسهم في البورصة اللبنانية، وهذه المؤشرات الإيجابية تضاف إلى مؤشر الشارع، أي وقوف الناس مع الرئيس الحريري بالإضافة الى المؤشرات الدولية، التي تراهن على وجوده على رأس الحكومة لضمان استمرار الاستقرار في لبنان». وختم فايد حديثه ل«اليوم» قائلا: «لا شك أن انسحاب حزب الله من اليمن نقطة أساسية عالجها رئيس الجمهورية ميشال عون مع القوى السياسية، التي استقبلها في بعبدا قبل سفره إلى روما، وننتظر النتائج الملموسة لهذا التحرك»، جازماً «أن المرحلة المقبلة في لبنان هي مرحلة استقرار أكثر جدية من المرحلة السابقة، وإلا فيما يكون اتفاق الأطراف جميعا على تسهيل مهمة الرئيس الحريري». ثمن الاستقالة بدوره، يشدد الكاتب والمحلل السياسي، يوسف دياب، على «أن تريث الرئيس الحريري والحديث عن أجواء إيجابية سيفضيان إلى عودته عن الاستقالة ولن تكون بلا ثمن، هي بالتأكيد لن تكون عودة إلى ما قبل 4 نوفمبر أي ما قبل تاريخ استقالته»، مؤكداً «أن الاتصالات الداخلية والإقليمية والدولية أثمرت نتيجة ما ستترجم بالدرجة الأولى بكبح جماح حزب الله في اليمن، وتعهده بخروج مقاتليه وخبرائه من هناك، وبهذا التعهد سيكون على الحزب بالدرجة الاولى الالتزام به، دون مساومة». ويقول دياب: «يجب أن يتعهد حزب الله ويلتزم بألا تكون الدول العربية منصة لهجومه، وألا يكون الحزب جزءا من أي مشكلة بين دولة وأخرى، وفي هذه الحالة عليه أن يحدد إن كان لبنانياً أم إيرانياً..!!». وحول دور «حزب الله»، يجيب المحلل السياسي: «طالما إيران موجودة فحزب الله موجود، لكن اليوم هنالك تعهد بأن يكون دور الحزب في اليمن بالدرجة الأولى قد انتهى، ومن الواضح أن هناك ترجمة عملية في هذا الموضوع، فلقد سبق واعترف نصرالله أنه سينسحب من العراق بعد انتهاء دوره وهذه نقطة إيجابية، فإعلان انسحابه من العراق تزامن مع إعلان الرئيس الحريري استقالته، ليصل التصعيد ذروته في لبنان». ويضيف دياب: «أما المسألة الأخرى التي ترتبط بدور الحزب في سوريا، التي تعد المشكلة الأكثر تعقيداً، ومدى ارتباطها بالملفات الدولية التي تعالجها الولاياتالمتحدة وروسيا، فأعتقد أنها ستنتهي قريباً إلى حل، من خلال تحجيم دور إيران في سوريا خدمة لمصالح إسرائيل». ويعتبر دياب أن كل تلك العوامل مجتمعة تعطي الحريري أجواء تفاؤلية تحفزه للعودة عن استقالته، وختم مشدداً على «أنه مهما كانت الظروف والخلفيات لن يقبل الرئيس الحريري بأن يشكل حزب الله من الآن وصاعدا أي تهديد للدول العربية مثل السابق».