ارتفعت العقود الآجلة للنفط خلال يومين (الخميس والجمعة) بعدما اتفقت أوبك وكبار المنتجين خارجها على تمديد تخفيضات الإنتاج في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع وتهدف إلى تصريف التخمة المستمرة في المعروض العالمي، وبلغت العقود الآجله لخام برنت 63.18 دولار للبرميل مرتفعة بنسبة 0.88 %. فيما أشاد مختصون في مجال الطاقة بنجاح تحركات المملكة لتمديد خفض إنتاج النفط لتسعة أشهر إضافية، مؤكدين استمرار دور المملكة الفعال في إعادة التوازن للأسواق واقناعها روسيا بالاستمرار في التعاون، والمرونة في التعامل مع مستجدات أسواق النفط، متوقعين أن تتجه الأسعار الى 70 دولارا للبرميل. وحدد المحلل الاقتصادي والمتخصص في الشؤون النفطية خالد الدوسري 70 دولارًا كسعر متوقع لخام برنت، وذلك بعد اجتماع الدول المنتجة للنفط «أوبك» والمنتجين خارجها في فيينا، والذي ناقش تمديد الاتفاق. أما د. أنس بن فيصل الحجي، متخصص في مجال الطاقة فأوضح أن أهم نتائج اجتماع «أوبك» الأخير، أنه يؤكد على استمرار المملكة في دورها الفعال في إعادة التوازن للأسواق واقناعها روسيا بالاستمرار في التعاون، والمرونة في التعامل مع مستجدات أسواق النفط، والتدرج في إنهاء تخفيض الانتاج، وتفادي حدوث أي عجز في الإمدادات. وتوقع رئيس المعهد الدولي للقانون والطاقة والتوقعات الاستراتيجية د. راشد ابانمي، أن تصل أسعار النفط الى مستويات قياسية جديدة تتراوح بين 60 إلى 70 دولارا للبرميل، بعد اعلان تمديد الخفض رسمياً مع نهاية اجتماع أول أمس، موضحاً أن الاتفاقية مفيدة لكل البلدان المنتجة دون استثناء، وبدأت بعض الدول المترددة سابقاً من خارج اوبك في الدخول لهذه الاتفاقية بإعلان رغبتها الدخول بها بعد أن اقتنعت بجدواها وأهميتها. وكان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، أكد في افتتاح الاجتماع 173 لمؤتمر الأوبك، على أن الأهداف المحددة في إعلان تعاون دول أوبك والدول المنتجة خارجها على خفض الإنتاج تسير في الطريق الصحيح، مما أوجب المزيد من العمل، وتمديد «إعلان التعاون» لتسعة أشهر أخرى. وأشار الفالح إلى أن قرار التمديد في مايو الماضي كان صحيحًا بعد أن كشف مسار السوق والبيانات عن معنويات إيجابية، وانخفض حجم المخزون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 50% تقريبًا إلى 140 مليون برميل لشهر أكتوبر، بعد أن كان 280 مليون برميل فوق المتوسط المتحرك لمدة خمس سنوات. وأوضح أنه رغم أن بيئة السوق المشجعة على المدى المتوسط والطويل، والمدعومة بانتعاش اقتصادي عالمي واسع النطاق يتزايد بوتيرة متسارعة. ورغم مؤشرات الطلب القوي على النفط، إلا أن الوصول إلى الهدف المقصود يتطلب منا الكثير من العمل الشاق. وحسب وكالة رويترز، قال وحيد ألكبيروف الرئيس التنفيذي لشركة لوك أويل ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا أمس: إن أوبك والمنتجين غير الأعضاء بالمنظمة سيزيدون الإنتاج إذا ارتفعت أسعار النفط، مضيفا: إن أسعار النفط ينبغي أن تكون بين 60 و65 دولارا للبرميل لتجنب أخطاء حدوث ارتفاعات محمومة في السوق مثلما حدث عام 2000. من جانب آخر يرى متعاملون في مجال الطاقة نجاح سياسة منظمة «أوبك»، وذلك بالاستمرار في خفض الإنتاج وتأخير الإنتاج من الحقول المطورة ومن ثم الخسائر المترتبة على ذلك. وتحاول المنظمة خفض مستوى المخزون التجاري النفطي الى معدله للسنوات الخمس الماضية (سنوات ما قبل انهيار الأسعار 2014- 2016)، وإيصال مستوى المخزون في نهاية عام 2016 إلى نحو 300 مليون برميل أكثر من معدل السنوات الخمس. لكن مستوى المخزون انخفض خلال الفترة الحالية إلى نحو 100 مليون برميل. ويتوقع الانتهاء من ظاهرة الفائض في المخزون التجاري خلال عام 2018 مع الاستمرار في خفض الإنتاج سنة أخرى. وأعربت «أوبك» عن تفاؤلها بزيادة الطلب العالمي على النفط خلال عام 2018. كما أنها تشكك في الأرقام المرتفعة الصادرة عن المراقبين حول إمكان زيادة الطاقة الانتاجية للدول خارج المنظمة خلال العام المقبل. وتتوقع «أوبك» ان تحافظ الأسعار على مستوياتها السعرية الحالية في حال استمرار العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط. ناهيك عن استمرار انخفاض مستوى المخزون التجاري. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزداد الإنتاج النفطي من الدول خارج «أوبك» خلال العام المقبل نحو 1.4 مليون برميل يومياً، بخاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولا تقتصر توقعات الوكالة بآثار زيادة إمدادات النفط الصخري الأمريكي خلال العام المقبل فقط، إذ تعتقد ان هذه الظاهرة هي ذات انعكاسات طويلة المدى على الأسواق النفطية. ويبحث تقرير الوكالة السنوي «آفاق الطاقة العالمية 2017» في العوامل التي قد تؤدي إلى المحافظة على سعر نفط «برنت» متراوحاً ما بين 50 و70 دولاراً للبرميل حتى عام 2040، والسبب الرئيس هو امكان زيادة امدادات النفط الصخري الأمريكي خلال هذه الفترة. وتشير الوكالة الى ان العوامل الجيوإستراتيجية أدت الى زيادة الأسعار أخيراً من نحو 45 دولاراً في نهاية حزيران (يونيو) إلى ما يزيد قليلاً عن 60 دولاراً حالياً، منها انخفاض معدلات التصدير من شمال العراق نحو 170 ألف برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر)، إضافة إلى انخفاض الانتاج في كل من الجزائر ونيجيريا وفنزويلا. وتذكر الوكالة ان هذه العوامل، إضافة الى التكهنات بتمديد مدة اتفاق خفض الإنتاج، أدت الى زيادة الأسعار مؤقتاً. فيما تشير توقعات «أوبك» إلى أن الطلب على النفط سيزداد إلى نحو 98.9 مليون برميل يومياً خلال عام 2018، مقارنة بنحو 97.7 في عام 2017 و96.1 في عام 2016. م.خالد الفالح