⁨الإسلام دين السلام لا إرهاب وعنف⁩    ثلاث مدن سعودية تنضم إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم    إصابة 7 في هجوم روسي على اوكرانيا    ارتفاع اوقية الذهب الى 4206.99 دولار    تايلاند تشن غارات جوية ضد أهداف للجيش الكمبودي    طوكيو تستدعي سفير بكين    ارتفاع أسعار النفط    انخفاض مؤشر الأسهم اليابانية    التدخل العاجل ينقذ 124 حالة بمستشفى أجياد    عبدالعزيز بن سعد: الوطن تأسس على أعمال نبيلة في جوهرها روح التطوع    تفعيل الجواز «المجدد» شرط للسفر بالهوية لدول الخليج    «الكشافة» تشارك في احتفالية اليوم العالمي للإعاقة بالرياض    أمير نجران يطلع على سير العمل في قطاعات الأمن العام    الحسني يقدّم فلسفة الاختلاف في معرض الرياض الدولي للفلسفة    أيام قرطاج السينمائية تكشف عن تفاصيل الدورة 36    ثلاث مدن سعودية تنضم لشبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم    تفوق كاسح.. تاريخ مواجهات الأخضر أمام الأفارقة في المونديال    السكتيوي: سنفوز ب«الروح»    مسؤول في دوري روشن: انتقال محمد صلاح إلى السعودية «محسوم»    ارتفاع سوق الأسهم    نتائج المسح الصحي الوطني لعام 2025.. 95.7 % من البالغين لديهم تغطية ل«نفقات الرعاية»    تصاعد الاعتقالات والمواجهات في الضفة الغربية    آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة «ليلة العمر».. رسم بداية جديدة لشباب الوطن    «سار» تحصد جائزة أفضل مركز اتصال بقطاع السفر    هيئة «الشورى» تحيل تقارير ثلاث جامعات للمجلس    «الدعم السريع» يقصف المدنيين في كردفان    أكد أن العملية على وشك الانتهاء.. المبعوث الأمريكي: اتفاق السلام في أوكرانيا في «الأمتار العشرة»    «كود الطرق» يحدد اشتراطات مواقف السيارات الجانبية    لا تلوموني في هواها    في معرض "أرتيجانو آن فييرا" بمدينة ميلانو.. «الثقافية» تعرف العالم بتاريخ وثقافة السعودية    اعتمد لجنة لتطوير الحوكمة.. «الألكسو» برئاسة السعودية: إنشاء المركز العربي لدعم المسار المهني    العزف على سيمفونية حياتك    في الجولة الثالثة لكأس العرب 2025.. الأخضر يلاقي المغرب للحفاظ على الصدارة    للعام الخامس على التوالي.. يزيد الراجحي يتوج ببطولة السعودية تويوتا للراليات الصحراوية    السمنة تسرع تراكم علامات الزهايمر    جامعة الطائف تكشف بدراسة علمية عن مؤشرات فسيولوجية جديدة للمها العربي في بيئته الطبيعية    29.2 % ارتفاع الاستهلاك التجاري للكهرباء    Bitcoin تذبذب وتقلبات حادة    تدابير الله كلها خير    القُصّر هدف لنيران الاحتلال    فلسطين وسوريا إلى ربع نهائي كأس العرب .. ومغادرة قطر وتونس    تناول الطعام ببطء يقلل التوتر    4 سيناريوهات تنتظر صلاح مع ليفربول بعد تصريحاته المثيرة للجدل    وزير الخارجية يبحث التعاون الإنساني مع رئيسة الصليب الأحمر    تركي آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة "ليلة العمر"    الفارسي: الفراغ عدوّك الأول.. والعمل مدرسة الحياة    مدينة الملك سعود الطبية تنجح في إنقاذ مريض توقف قلبه 25 دقيقة    افتتاح متحف البحر الأحمر في جدة التاريخية    إنه عمل غير صالح    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    أمير منطقة تبوك يتابع الحالة المطرية التي تشهدها المنطقة    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    هجوم على روضة يفتح ملف استهداف المدنيين في السودان    رئيس البرلمان المقدوني يستقبل إمام المسجد الحرام الدكتور المعيقلي    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نشأة القانون ونشأة الشريعة
نشر في اليوم يوم 26 - 11 - 2017

بإذن الله سأتطرق في هذا المقال ومقالات لاحقة إلى مقارنات بين قانون الشريعة الإسلامية وقوانين البشر الوضعية والتي اقتبسها من كتب التشريع الإسلامي المقارنة التي تكشف علو كعب الشريعة على القوانين الوضعية. نحاول أن نتلمس فيها خصائص الشريعة الغرّاء وسموها وعلوها في أحكامها وقوانينها التي لم تهتد قوانين البشر إلى مثيلاتها إلا في العصر الحديث ومنها على سبيل المثال مساواة الناس بينهم، لا فرق بين أسود وأبيض ولا بين ذي النسب والحسب ومن دونه ولا بين غني وفقير وإنما الفرق في المواطنة الصالحة كما قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
فالقانون الوضعي عندما ينشأ في المجتمع الذي ينظمه ويحكمه فإنه ينشأ ضئيلًا محدود القواعد، ثم يتطور بتطور هذا المجتمع وتزداد قواعده وتتسامى نظرياته كلما ازدادت حاجات هذا المجتمع وتنوعت، وكلما تقدم تفكير أفراده وعلومهم وآدابهم. وهذا يعني أن القانون الوضعي كالوليد ينشأ صغيرًا ضعيفًا، ثم ينمو ويقوى شيئًا فشيئًا حتى يبلغ أشده، وهو يسرع في التطور والنمو والسمو كلما تطور المجتمع الذي يحكمه وارتقى، ويُبطئ في تطوره ونموه كلما كان المجتمع بطئ النمو والتطور. ومن ذلك نخلُص إلى أن المجتمع هو الذي يخلق القانون الوضعي ويصنعه على الوجه الذي يسد حاجاته وينظم حياة أفراده، وهو -أي القانون- تابعٌ له وتقدمه مرتبط بتقدم هذا المجتمع.
وعلماء القانون الوضعي حين يتحدثون عن النشأة الأولى للقانون يقولون: إنه بدأ يتكون مع تكون الأسرة والقبيلة، وإن كلمة رب الأسرة كانت قانون الأسرة، وكلمة شيخ القبيلة كانت قانون القبيلة، وإن القانون ظل يتطور في المجتمع البشري حتى تكونت الدولة، وإن عادات كل أسرة كانت لا تتفق مع عادات غيرها من الأسر، وتقاليد كل قبيلة لم تكن مماثلة لتقاليد غيرها من القبائل. وإن الدولة حين بدأت تتكون وحَّدت العادات والتقاليد وجعلت منها قانونًَا ملزمًا لجميع الأفراد والأسر والقبائل الداخلين في نطاق الدولة. ولكن قانون كل دولة لم يكن يتفق في الغالب مع قوانين الدول الأخرى، وظل هذا الخلاف حتى بدأت المرحلة الأخيرة من التطور القانوني في أعقاب القرن الثامن عشر الميلادي على هدي النظريات الفلسفية والعلمية والاجتماعية، فتطور القانون الوضعي من ذلك الوقت حتى الآن تطورًا عظيمًا، وأصبح قائمًا على نظريات لم يكن لها وجود في العهود السابقة. وأساس هذه النظريات الحديثة العدالة والمساواة والرحمة والإنسانية. وقد أدى شيوع هذه النظريات في العالم إلى توحيد معظم القواعد القانونية في كثير من دول العالم، ولكن بقى لكل دولة قانونها الذي يختلف عن غيره من القوانين في كثير من الدقائق والتفاصيل.
هذه هي خلاصة لنشأة القانون وتطوره والمراحل التي مر بها والتي تبيّن بجلاء أن القانون حين نشأ كان شيئًا يختلف كل الاختلاف عن القانون الآن، وأنه ظل يتغير ويتطور حتى وصل إلى شكله الحالي، وأنه لم يصل إلى ما هو عليه الآن إلا بعد تطور طويل بطيء استمر آلاف السنين. وإذا كانت نشأة القانون كما سبق ذكره، فإن الشريعة الإسلامية بخلاف ذلك، فهي لم تنشأ تلك النشأة ولم تسر في ذلك الطريق. فالشريعة لم تكن قواعد قليلة ثم كثرت، ولا مبادئ متفرقة ثم تجمعت، ولا نظريات أولية ثم تهذبت. ولم تولد الشريعة طفلة مع المجتمع المسلم ثم سايرت تطوره ونمت بنموه، وإنما وُلدت شابة مكتملة، ونزلت من عند الله شريعة كاملة شاملة جامعة مانعة، لا ترى فيها عوجًا، ولا تشهد فيها نقصًا، أنزلها الله تعالى من سمائه على قلب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في فترة قصيرة لا تجاوز المدة اللازمة لنزولها، فترةً بدأت ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وانتهت بوفاته، أو انتهت يوم قال الله تعالى: (وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا).
والشريعة لم تأت لمجتمع دون مجتمع، أو لقوم دون قوم، أو لدولة دون دولة، وإنما جاءت للناس كافة من عرب وعجم، شرقيين وغربيين، على اختلاف مشاربهم وتباين عاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم، فهي شريعة كل أسرة، وشريعة كل قبيلة، وشريعة كل مجتمع، وشريعة كل دولة، بل هي الشريعة العالية التي استطاع علماء القانون الوضعي أن يتخيلوها، ولكنهم لم يستطيعوا أن يُوجدوها.
وهذه الشريعة جاءت كاملة لا نقص فيها، جامعة تحكم كل حالة، مانعة لا تخرج عن حكمها حالة، شاملة لأمور الأفراد والجماعات والدول، فهي تنظم الأحوال الشخصية والمعاملات وكل ما يتعلق بالأفراد، وتنظم شؤون الحكم والإدارة والسياسة وغير ذلك مما يتعلق بالمجتمع، كما تنظم علاقات الدول بعضها بالبعض الآخر في الحرب والسلم. ولم تأت الشريعة لوقت دون وقت، أو لعصر دون عصر، أو لزمن دون زمن، وإنما هي شريعة كل وقت، وشريعة كل عصر، وشريعة الزمن كله حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وقد صيغت الشريعة بحيث لا يؤثر عليها مرور الزمن، ولا يبلي جِدَّتها، ولا يقتضي تغيير قواعدها العامة ونظرياتها الأساسية، فجاءت نصوصها من العموم والمرونة بحيث تحكم كل حالة جديدة ولو لم يكن في الإمكان توقعها، ومن ثم كانت نصوص الشريعة غير قابلة للتغيير والتبديل كما تتغير نصوص القوانين الوضعية وتتبدل. وها هو القانون الروماني الذي عدّه المؤرخون الغربيون مفخرة القوانين عندهم، ولد مع مولد مدينة روما في القرن السابع قبل الميلاد، ولم تتم قواعده إلا في عصر القيصر (جوستيان) حيث تم جمعه في القرن السادس بعد الميلاد، أي أنه بلغ في عمر الزمان قرابة ثلاثة عشر قرنًا، ومع هذا العمر الطويل الملئ بالتعديل والتحسين فإنه لا يصلح للتطبيق في هذا الزمن ولا في الأزمنة التي تباعدت عنه. وأساس الفرق بين قانون الشريعة والقانون الوضعي هو أن الشريعة أتت من عند الله جل شأنه، وهو القائل (لا تبديل لكلمات الله)، وهو عالم الغيب القادر على أن يضع للناس نصوصًا تبقى صالحة على مر الزمان. أما القوانين الوضعية فمن وضع البشر، وتوضع بقدر ما يسد حاجتهم الوقتية، وبقدر قصور البشر عن معرفة الغيب تأتي النصوص القانونية التي يضعونها قاصرة عن حكم ما لم يتوقعوه. ولقد جاءت الشريعة من يوم نزولها قبل مئات السنين بأحدث النظريات التي وصل إليها أخيرا القانون الوضعي الحديث، بل إن الشريعة جاءت من يوم نزولها بأكثر مما وصل إليه القانون الوضعي، وحسبنا أن نعرف أن كل ما يتمنى رجال القانون اليوم أن يتحقق من المبادئ، هو موجود في الشريعة من يوم نزولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.