بعثت المستويات المتميزة، التي يقدمها منتخبا كرة القدم لفئتي الشباب والأولمبي في الفترة الراهنة، الكثير من التفاؤل بين أوساط الشارع الرياضي السعودي، وأعطته الثقة الكاملة على أن مستقبل كرة القدم السعودية سيكون زاهيا، في ظل الدعم الكبير والمتواصل للرياضة السعودية ككل من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، وكذلك الحرص والمتابعة الدقيقة من قبل معالي رئيس الهيئة العامة للرياضة الأستاذ تركي آل شيخ، الذي أوجد حراكا قويا في الرياضة السعودية خلال الفترة الماضية. وكان المنتخب السعودي للشباب، تحت (19) سنة، الذي يقوده المدرب الوطني خالد العطوي، قد نجح مؤخرا في خطف بطاقة التأهل لنهائيات آسيا (2018) بإندونيسيا، وذلك عقب نجاحه في تصدر منافسات المجموعة ال (4) من التصفيات، التي ضمت إلى جانبه منتخبات كل من: اليمن، الهند، وتركمانستان، واحتضن استاد الأمير محمد بن فهد بالدمام كل مبارياتها. الأخضر الشاب تمكن من تسجيل (3) انتصارات متتالية، حيث تفوق في بداية المشوار على الهند بخماسية نظيفة، سجلت عن طريق فراس البريكان (3) أهداف، وعبدالله الحمدان، وعبدالعزيز الشهراني، قبل أن يتغلب على المنتخب التركمنستاني بهدف وحيد سجل عن طريق هداف الفريق فراس البريكان. أما لقاء الحسم، فقد جمع الأخضر بالمنتخب اليمني، الذي حظي بدعم جماهيري كبير بلغ قرابة ال (10) الاف متفرج، وتمكن فيه نجوم المنتخب السعودي من إظهار شخصية البطل، عقب أن تقدم المنتخب اليمني بهدف مبكر في الدقيقة الثالثة، لكن الهدوء كان حاضرا في صفوف الأخضر الشاب، الذي عاد للقاء وتمكن من قلب النتيجة وأحرز هدفين متتاليين عن طريق الثنائي حامد الغامدي ومحمد مالي. يذكر أن البداية الحقيقية لهذا المنتخب كانت حين التعاقد مع المدرب الوطني المتميز خالد العطوي، الذي تولى تدريب منتخب مواليد (98)م، وحقق معه بطولة الخليج الحادية عشرة لمواليد (97)م، قبل أن يبدأ العمل الجاد على منتخب الشباب تحت (19) سنة، الذي لم يعتمد خلاله على لاعبي الدوري الممتاز فقط، حيث استقطب العديد من اللاعبين المتميزين من أندية دوري الدرجة الثالثة، وخاض معهم عددا من المعسكرات والمباريات الودية، حتى ظهر المنتخب بالمظهر الرائع، الذي قدمه خلال التصفيات. وعن ذلك يقول العطوي: «لم أكتف باستقطاب لاعبي دوري الدرجة الممتازة، لعلمي بتواجد الكثير من اللاعبين المتميزين حتى في دوري الدرجة الثالثة، وبالتالي عملنا خلال المعسكرات التي سبقت التصفيات على خلق التجانس بينهم، وتصحيح الأخطاء، والتعلم منها، اضافة لاكتساب الخبرات، وهو ما ظهر جليا على أداء المنتخب الشاب خلال منافسات التصفيات، وبالتحديد خلال لقاء المنتخب اليمني، الذي كان ينافسنا على خطف بطاقة الصدارة». وأكد العطوي أن الخطة المدروسة والمتكاملة للمنتخب الشاب حتى المشاركة في بطولة كأس آسيا (2018) بإندونيسيا، جاهزة تماما، متمنيا أن يوفق الأخضر لمواصلة حضوره القوي في المنافسات الآسيوية، على مستوى منتخبات الشباب، كما حصل خلال مشاركة المنتخب السعودي في البطولة الآسيوية السابقة، التي استضافتها البحرين، وتمكن من خلالها الأخضر من تحقيق الوصافة، رغم أحقيته بالذهب تحت قيادة المدرب الوطني سعد الشهري. فيما تمكن المنتخب السعودي الأولمبي من خطف لقب «بطولة الصين الدولية»، التي نظمت على ملعب تشيانان الرئيس بالصين خلال الفترة من ال (8) وحتى ال (12) من شهر نوفمبر الحالي، وذلك عقب تصدره فرق البطولة برصيد (7) نقاط، في المنافسات التي جمعته بمنتخبات كل من: الصين، المكسيك، وكوريا الشمالية. وكان الأخضر الأولمبي قد افتتح مشواره في البطولة الدولية، التي تأتي ضمن البرنامج الإعدادي الخاص بالمنتخب السعودي للمشاركة في كأس آسيا تحت (23) عاما، التي ستقام خلال شهر يناير المقبل بالصين، بفوزه على المنتخب المضيف بهدفين نظيفين حملا توقيع اللاعبين راكان العنزي وعبدالعزيز العرياني، قبل أن يتفوق على المنتخب المكسيكي في الجولة الثانية بهدفي عبدالعزيز العرياني ومحمد السبيعي، فيما اكتفى بالتعادل السلبي أمام المنتخب الكوري الشمالي في ثالث الجولات، وهو ما كان كافيا له ليتوج بالذهب، وكأس المركز الأول. الأخضر الأولمبي لم يكتف بالحصول على ذهب البطولة الدولية فقط، بل توج نجميه أمين بخاري وعبدالعزيز العرياني، بلقبي أفضل حارس في البطولة، وهدافها. وتميزت مشاركة المنتخب السعودي الأولمبي في بطولة الصين الدولية، بمنح المدرب الأرجنتيني دانيال تيغالي الفرصة لكل اللاعبين للمشاركة، واثبات قدرتهم على حجز مقعد رئيس في التشكيلة، التي ستغادر للصين في بداية العام الجديد من أجل المشاركة في البطولة الآسيوية. الحديث عن المنتخب السعودي الأولمبي الحالي، يقود إلى استذكار الأيام الجميلة التي عاشها لاعبوه مع المدرب الوطني سعد الشهري أثناء الوجود مع منتخب الشباب، حيث كان وجود غالبية لاعبيه مع الأخضر الشاب، الذي قدم مستويات متميزة جدا خلال المشاركة في البطولة الآسيوية ونهائيات كأس العالم للشباب. وكانت البداية حينما تعاقد الاتحاد السعودي لكرة القدم مع المدرب الوطني سعد الشهري، الحاصل على رخصة التدريب الآسيوية «فئة A»، الذي حقق عددا من الانجازات كمدرب مع أندية المملكة على مستوى الفئات السنية. الشهري كان عازما على وضع بصمته مع المنتخب الشاب، فعمل بصمت كبير، وتمكن من صناعة منتخب يلعب بكل تجانس، فنجح من خطف بطاقة التأهل لبطولة كأس آسيا (2016) بالبحرين، عقب تصدره المجموعة الثانية في التصفيات بالعلامة الكاملة، التي ضمت إلى جانبه منتخبات كل من: اليمن، تركمانستان، وسوريا. وفي البطولة الآسيوية، تجلى المنتخب السعودي الشاب، عقب تأهله للدور ربع النهائي كثاني المجموعة الأولى، التي ضمت إلى جواره منتخبات البحرينوكوريا الجنوبية وتايلند، قبل أن يتجاوز المنتخب العراقي بركلات الجزاء الترجيحية في دور ال (8)، والمنتخب الايراني في دور ال (4) في مباراة دراماتيكية، انتهت بتفوق الأخضر بنتيجة (6-5). ولم يبتسم الحظ للأخضر الشاب خلال المباراة الختامية، التي جمعته بالمنتخب الياباني، الذي نجح في ايصال اللقاء لركلات الجزاء الترجيحية، وتفوق فيها بنتيجة (5-3). مسيرة تألق المنتخب الشاب تحت قيادة الوطني سعد الشهري، لم تتوقف عند الوصافة الآسيوية، رغم كل الصعوبات، بل امتدت لنهائيات كأس العالم للشباب، التي اقيمت في كوريا الجنوبية، وتمكن خلالها الأخضر الشاب من التأهل لدور ال (16) عن المجموعة السادسة، التي ضمت إلى جواره منتخبات كل من: الولاياتالمتحدةالأمريكية، السنغال، والاكوادور، قبل أن يودع البطولة بخسارته أمام منتخب الأوروجواي بهدف نظيف من ضربة جزاء. وكانت الخسارة في الدور ثمن النهائي بنهائيات كأس العالم للشباب، هي المحطة الأخيرة للشهري مع الأخضر الشاب، حيث كان يتوقع أن يواصل تدريب نفس الجيل مع المنتخب الأولمبي، لكن الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يجدد عقده، وحل بديلا عنه مساعده صالح المحمدي، الذي قاد المنتخب الأولمبي، حتى التعاقد مع المدرب الأرجنتيني دانيال تيغالي، التي يتأمل منه القائمون على الرياضة السعودية وكرة القدم بالتحديد، صناعة ثورة ايجابية في المنتخب الأولمبي، من أجل أن يكون رافدا قويا ومهما للمنتخب السعودي الأول، الذي تنتظره مشاركة مهمة في مونديال روسيا (2018). ويبقى السؤال الأهم خلال هذه المرحلة، هو كيفية الحفاظ على التوهج، الذي تعيشه كرة القدم السعودية في الوقت الحالي، حيث يبدو أن الحل يتمثل في ضمان مشاركة لاعبي منتخبي الشباب والأولمبي على أعلى المستويات، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، وكذلك استمرار الأخضر الكبير في خوض المواجهات الكبرى، كما تحدث رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم عادل عزت، بأن الأخضر سيخوض مواجهات قوية مقبلة أمام منتخبات ألمانيا والبرازيل والأرجنتين، وربما أمام المنتخبين الفرنسي والبلجيكي، خلال فترة تحضيره لمونديال (2018) بروسيا، مع ضرورة محاسبة المدرب الأرجنتيني باوزا مبكرا، خاصة في ظل غياب الهوية الفنية للمنتخب السعودي الأول خلال معسكر البرتغال، الذي اختتم بخسارة اخرى امام المنتخب البلغاري مساء الإثنين الماضي. من تتويج الأخضر ببطولة الصين الدولية