شهدت تداولات مؤشر بلومبيرج للسلع، والذي يقيس أداء 22 سلعة أساسية موزعة بالتساوي بين قطاعات الطاقة والمعادن والزراعة، ارتفاعًا ملحوظًا وصل إلى أعلى مستوياته في ثمانية أشهر؛ نظرًا لاستمرار ارتفاع أسعار الطاقة والمعادن الصناعية. وعادت تداولات خام برنت للارتفاع فوق عتبة 60 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2015 استنادًا إلى الاعتقاد بعودة «أوبك» لاستلام دفة القيادة بالتزامن مع مساعيها لتمديد اتفاقية خفض الإنتاج إلى ما بعد شهر مارس. ومن شأن تحسين السياسات المدفوعة بمزيج من الطلب القوي والحد من الإمدادات وانقطاع العرض في شمال العراق جعل اتخاذ هذا القرار أكثر سهولة. واختبرت أسعار الذهب أسبوعًا هادئًا تحركت فيه ضمن النطاق 1263-1282 دولارًا للأونصة. وجاء ذلك بالرغم من الاضطرار للتعامل مع الكثير من المناسبات المثيرة للمخاطر مثل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وتولي شخصية جديدة رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، والإصلاحات الضريبية بالولاياتالمتحدةالأمريكية وتقرير الوظائف الأمريكي. ومنح ذلك الفضة فرصة متميزة للتألق فيما عاد البلاديوم إلى 1000 دولار للأونصة، مما جعل أسعار الفضة تصل إلى 75 دولارًا للأونصة مقابل البلاتين والذهب. وكشف منتجو المعادن الصناعية ومستهلكوها وتجارها عن تقييم متفائل إزاء الطلب المستقبلي في الاجتماع السنوي ل «أسبوع بورصة لندن». ولعب النمو العالمي المتزامن وزيادة الطلب المستقبلي على السيارات الكهربائية دورًا كبيرًا في دفع القطاع نحو أعلى مستوياته منذ ثلاثة أعوام. وحظيت أسعار النيكل بالدعم من ازدياد التوجّه نحو السيارات الكهربائية، بينما كافحت أسعار النحاس لتحقيق مزيد من الارتفاع بناءً على المخاوف بشأن التباطؤ في قطاع العقارات الصينية. ونجحت عملة البيتكوين الرقمية مجددًا في خطف الأضواء، وواصلت أسعارها الارتفاع أكثر بنحو 26% على مدار الأسبوع. وجاءت الزيادة الأخيرة فوق 7000 دولار أمريكي نتيجة إعلان مجموعة بورصة شيكاغو عن إطلاق عقود آجلة للتسوية النقدية بالبيتكوين قبل نهاية العام. ومن خلال ذلك، يرجّح ازدياد وتيرة التعامل بالعملة الرقمية بين المستثمرين المتعطشين للانكشاف على منتج ارتفعت أسعاره بنحو 700% تقريبًا منذ عام. ويمهد ذلك الطريق عبر إتاحة الفرصة لبيع البيتكوين، وهو أمر كان من الصعب تحقيقه حتى الآن. وشهد قطاع الزراعة محاولات فنية فاشلة في الاتجاه السلبي من حيث القمح في بورصة شيكاغو للتجارة (ZWZ7) و«أرابيكا كوفي» (KCZ7). وزاد كلاهما من احتمال ارتفاع الأسعار على المدى القصير، حيث تغطي الأموال المراكز القوية. وبالإضافة إلى القهوة، عملت صناديق التحوط في الأسابيع الأخيرة على مراكمة حجم قياسي من صافي عمليات البيع. وتواصل أساسيات النفط الخام تحسّنها مع عملية إعادة التوازن المدعومة بتراجع مستوى مخزونات النفط العالمية، والنمو القوي للطلب، وتغطية العرض، بفضل مجموعة «أوبك»/ روسيا. وقد أثارت هذه التطورات عمليات شراء مضاربة قوية من الصناديق. وانطلاقا من اعتباره معيارًا عالميًا، كان خام برنت المستفيد الأكبر من هذه التطورات، وتحول منحنى عقوده الآجلة إلى تراجع حاد كما دعم زيادة الطلب من مديري الأموال الذين يميلون نحو التموضع في مقدمة المنحنى حيث السيولة هي الأكبر. ويمكن أن تصبح مثل هذه الحركة دائمة نظرًا لاستمرارها في جذب المستثمرين الباحثين عن الاستحواذ على العائد الشهري الناشئ عن الاستثمار السلبي على المدى الطويل. وعمل التراجع الحاد في أسعار خام برنت على استقطاب حجم قياسي من الطلب على المضاربة. وبلغ إجمالي صافي الشراء في برنت وخام غرب تكساس الوسيط 752 ألف لوت (752 مليون برميل) في الأسبوع المنتهي ب24 أكتوبر، حيث يشكل خام برنت حوالي ثلثي هذا المركز. واستمرت أسعار النفط الخام بالارتفاع هذا الأسبوع من أدنى مستوياتها في يونيو، بحيث تخطت أسعار برنت المستوى النفسي عند 60 دولارًا أمريكيًا للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2015. وواصل خام غرب تكساس الوسيط ملاحقة برنت، وساهم انخفاض صافي الواردات إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، نظرًا للصادرات القياسية فضلًا عن الطلب الكبير على المصافي بعد الإعصار القوي، في استقرار وتراجع تخفيضات الأسعار بالنسبة لخام برنت. وخلال الشهرين الماضيين، توصل التجار إلى استنتاج مفاده أن المملكة العربية السعودية توفر من جديد للسوق وضعًا حرًا، بما يعني أنهم لن يدخروا أي جهد لدعم أسعار النفط. ويعكس بلوغ الأسعار 60 دولارًا للبرميل وصولنا إلى مستوى يعتبره العديد من المنتجين مرضيًا، لا سيما بالنظر إلى الآثار السلبية المحتملة التي يمكن أن يعاني منها المنتجون من الدول غير الأعضاء في أوبك والقادرون على تسريع الإنتاج. وفي عام 2018، ينبغي أن يتخطى متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط عتبة 54 دولارًا للبرميل، بما يعادل ارتفاعًا بحوالي 10 دولارات من مستواه المنخفض في يونيو الماضي، ويجب أن يكون كافيًا لدعم النمو القوي في الإنتاج الأمريكي على مدار الأشهر المقبلة. وعلى هذا الأساس، نرى المستوى الحالي قريبًا من 61 دولارًا للبرميل باعتباره النهاية العليا من النطاق. ويمكن للزخم أن يقود السوق بسهولة إلى حد أبعد من المبررات بشكل أساسي، وقد يتمثل مثل هذا التطور برأينا عبر الارتفاع المستمر فوق 61 دولارًا للبرميل، والارتداد بنسبة 38.2% في عمليات البيع خلال الفترة بين عامي 2014 و2016. من جانب آخر، خاض الذهب أسبوعين ماضيين علقت فيهما أسعاره ضمن نطاق بين 1263-1282 دولارًا للأونصة. ولم تكن المناسبات المثيرة للمخاطر خلال الأسبوع الماضي كافية لعرقلة سوق حققت أداء نسبيًا جيدًا بالرغم من قوة الدولار مقابل الين، وارتفاع الأسهم وتقلّب سوق السندات. وأدى عجز الذهب عن تخطي نطاقه إلى منح الفضة فرصة أكبر للتألق، لا سيما بالنظر إلى أوراق اعتماد المعادن الصناعية. وللاستفادة من المكاسب، ينبغي أن تنخفض النسبة بين الذهب والفضة إلى ما دون 74.15، وهو مستوى قدم الدعم في عدة مناسبات منذ يونيو. وتم تسليط الضوء على مؤشرات تحسّن التوقعات للفضة في استطلاع للرأي أقيم في مؤتمر المعادن الثمينة لرابطة سوق لندن للسبائك في برشلونة.. واتجهت الصناديق نحو شراء الفضة خلال الأسابيع الماضية، بينما واصلت بيع الذهب، وإن كان بوتيرة بطيئة. وجرت تداولات الذهب بشكل جانبي بالنسبة للجزء الأفضل من السنوات الأربع، حيث بلغ متوسطها حوالي 1240 دولارًا للأونصة. ويمكن العثور على الدعم في الوقت الراهن عند 1263 دولارًا والذي يُعتبر ارتدادًا بنسبة 61.8% من حيث الارتفاع في الفترة بين يوليو إلى سبتمبر، بينما يمكن إيجاد المقاومة عند 1282 دولارًا للأونصة يليها 1306 دولارات للأونصة. ونحافظ على توقعاتنا لنهاية العام عند 1325 دولارًا للأونصة في ظل المخاوف الجيوسياسية التي قد توفر الدفاع ضد المخاطر على المدى القصير من قوة الدولار في حال نجح ترامب والحزب الجمهوري في تمرير إصلاحاتهم الضريبية.