حينما يقوم نادي الأحساء الأدبي بتكريم ابن الشهيد بالشراكة مع الإدارة العامة للتعليم بالأحساء، فإننا نجد أنفسنا أمام زاوية جديدة من أنشطة هذا النادي لا تبتعد به عن دوره الثقافي المنشود، بل انه يصب في بؤرة الاهتمامات للمثقف السعودي بعامة والأحسائي بخاصة، إذ تجعله ينظر من واقع الثقافة إلى ما يحيط بمجتمعه من قضايا، يأتي في مقدمتها ذلك الهدف السامي الذي يشير إلى حق أبناء الشهداء الذين فقدوا آباءهم في أشرف الميادين فداء لأوطانهم، وإذا كانت الصورة تجمع هؤلاء الشهداء في الدنيا على اختلاف رتبهم العسكرية فإن منزلتهم تظللها رتبة سامية في الآخرة، ألا وهي رتبة الشهيد. إن أكثر ما يلفت الانتباه في ذلك المشهد هذا الإصرار العجيب والتحدي الفريد الذي نراه مشعًا في عيون أبناء هؤلاء الشهداء، فحين الاقتراب منهم تجد نفسك أمام رجل وليس طفلا صغيرا لا يعدو عمره ثلاث أو أربع سنوات كأن الله - جلت قدرته - قد اصطفى هؤلاء ليجعلهم يتصفون بصفات تعطي للآخرين صورة مشرقة لتحدٍ وتميز، إن هذا الابن الذي فقد أباه شهيدا إذا تأملته تراه يفوق سنه مما يجعله يخوض غمار مستقبله في الحياة وهو محاط بنظرات الفخر والإعزاز ممن يحيطون به فهو متحمل للمسؤولية، وكأن لسان حال الابن يقول لأبيه على بعد ما بين الحياتين: أبي نظرات الفخر تحيطني وسأكمل مشواري في الحياة.. لا تقلق إنني متحمل للمسؤولية كاملة غير منقوصة... فاهنأ بتكريم رب السماء بما أعده لك ولزملائك من واسع فضله.. إنني أتحرك وأنا أشعر بنظراتك ترقبني في كل حركة أنت معي... أسمع صوتك يناديني قائلا: كن مثالا عظيما في عملك...اجتهد واسمُ بنفسك لينعكس هذا على بلد قدمت حياتي فداء لرفعتها.. أبي إنني واثق أنك معي سعيدٌ حين أقوم بعمل كنت تتمناه مني وإن غاب الجسد.. مصداقا لقوله تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» فإلى كل المرابطين.. استودعناكم الله الذي لا تضيع ودائعه والله ينصركم على عدوه وعدوكم... أما أبناؤكم فتحيطهم عناية رب السماء الذي اختارهم وميزهم بسمات تدفع بهم رجولة مبكرة، وعزيمة قوية راسخة يواجهون بها صعوبات الحياة مهما ثقلت... وما قام به نادي الأحساء من تكريم لأبناء الشهداء ما هو إلا صورة من صور الوفاء لرجال يستحقون هم وأبناؤهم كل الوفاء؛ لأنهم قدموا أغلى ما يملكون... فليسعدوا بما أُعد لهم في الآخرة، وليسعد أبناؤهم بسمو وفخر ورعاية في الدنيا.