تتكاتف الجهود في هيئات ومؤسسات المملكة للحفاظ على الثروات الأثرية والتنقيب عن المضمور منها، من خلال بعثات التنقيب لاستخراج الدفين من النفائس القديمة، وذلك بحسب ما ناقشته جلسة حوارية تضمنها اليوم الثالث للملتقي العلمي، الذي أقيم بالتزامن مع افتتاح مؤتمر التراث الأول على مدار ثلاثة أيام بحضور العديد من الخبراء والباحثين في مجال الآثار وطلاب كليات الآثار. ويرى الأستاذ المشارك بكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود د. محمد أبو العطا أن المملكة تمتلك في موقع الحجر بمدائن صالح ثلاث مقابر منحوتة في الصخور، بحسب طبيعة المكان في تلك المدينة العظيمة، التي تعد ثاني أكبر مدن الأنباط، التي لا يزال يكتنفها الغموض حتى الآن. ويعتقد أبو العطا أن منطقة الحجر تعد موقعاً أثرياً مهماً يقع شمال غرب المملكة، وتحديداً في محافظة العُلا، لافتًا النظر في ذات الوقت إلى أن منطقة الحجر تحوي 138 مقبرة أثرية، بحسب إحصاء الهيئة العامة للسياحة والتراث على هيئة حفر في الصخر الطبيعي، بينها 42 مقبرة تحتوي على نصوص مكتوبة تتضمن اسم صاحب المقبرة وتاريخ الملك الذي نحتت في عهده أيضا اسم النحات الذي نحتت على يديه المقبرة. وأضاف: إن الرصد الأثري في منطقة الحجر وجد 17 مقبرة فقط بها أسماء لعدد 14 نحاتا عملوا في مدائن صالح على وجه التحديد، منهم النحات «أفتح» صاحب مقابر أثرية مهمة لما تتصف به من دقة في العمل الفني وجمالية في النقوش. وبحسب رصد للعديد من المواقع الزاخرة بالآثار القديمة قام به الخبير الأثري الفرنسي الدكتور غيلوم تشارلوكس، أحصى 7 مشاهد أثرية في منطقة دومة الجندل والتي أثبتت دراسات البعثة أنها تعود للقرن السابع بعد الميلاد. وبين أن البعثة السعودية الفرنسية وجدت بعض الآثار النادرة التي تخص حضارة المنطقة والنقوش في المنازل الصخرية، وأن بعضا من الآثار المرتبطة بحضارة تلك المنطقة موجود خارج المملكة، وتسعى الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى استعادتها طواعية لعرضها في المتحف الوطني. وأكد الخبير الفرنسي على وجود الكثير من دلالات استيطان تلك المنطقة بحسب المسح الجيولوجي. وعرض موقع هام في الثقافة الإسلامية يعرف باسم «الناقة» الذي يظهر مجسماً لناقة بساقها وجسمها، ترجع إلى عصر ما قبل الإسلام بفن توثيقي يظهر براعة الإنسان القديم ويتطلب ضرورة الاهتمام الكامل بتلك المنطقة من الناحيتين الفنية والتراثية. وفي السياق ذاته كانت منطقة عينونة إحدى المناطق التراثية المهمة في المملكة الواقع بمنطقة تبوك، بحسب تأكيدات الخبير الأثري ميشال غوليكوسكي الذي أكد أن المنطقة تحتوي على آثار تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وقال الخبير الأثري: إن موقع «عينونة» يضم عدة مواقع أثرية يعود بعضها للفترة النبطية - الرومانية، وبعضها لفترات إسلامية متعاقبة فهي تعتبر من أكبر الموانئ النبطية التجارية على ساحل البحر الأحمر، الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وعلى نفس المسار أكد الخبير الأثري كريستيان دارلز أن المملكة تحظى بالكثير من المناظر الطبيعية والتاريخية القديمة، لا سيما في المنطقة الواقعة بين المدينةالمنورة ومدائن صالح والتي كانت عامرة بالاستيطان لأهميتها في الأنشطة التجارية والاقتصادية. وقال: إن العوامل الطبيعية كان لها أثر بالغ في الاضرار بالمنطقة الأثرية ما يتطلب ضرورة ترميمها لتكون مزاراً أثريا وسياحيا هاما في الفترات القادمة، كاشفاً عن أن البعثة اكتشفت في تلك المنطقة 7 سدود مترابطة فيما بينها في دائرة محورية قطرها 25 كيلو متراً وهو ما وثقته البعثة. وكان أيضا من بين العلامات الأثرية البارزة منطقة نجران بحسب توصيف الأثري الخبير د. منير عربش عضو البعثة السعودية الفرنسية، قائلا: إن الرسوم الصخرية رصدت الكثير من العلامات الأثرية على الصخور وفي الكهوف في منطقة نجران، مؤكداً أن المملكة تحتضن الآلاف من الرسوم الصخرية والنقوش المسجل بعض منها على لائحة التراث العالمي بهيئة اليونسكو. وأشار إلى أن الرسوم والنقوش في واحة نجران كانت تسجل كثيراً للجمال باعتبارها طريقا للقوافل وملتقى جزر العرب، أيضا سجلت لحملة أبرهة وعام الفيل، ومعروف الطريق بين نجران ومكة المكرمة باسم طريق الفيل.