هناك من يسميه رأس المال الجريء، وآخرون يفضلون تسميته رأس المال المخاطر، ولكلتا التسميتين جذور وتفسيرات منطقية، وإن كانتا تصبان في نوع واحد من التمويل، وهو ذلك الذي يركز على الاستثمار في المشاريع الريادية والناشئة، التي ينبغي معها المخاطرة المدروسة بعناية، وتملك معها فرص نجاح عالية، يمكن معها تحقيق الربحية لرساميل أسهمت من أجل إظهار المشروع وإبرازه في سوق الأعمال، منذ اللحظات الأولى من مراحل إنشاء المشروع الذي تحف الاستثمار به مخاطر عالية، جنباً إلى جنب مع فرص النجاح، وهنا تكمن المعادلة المعقدة التي ينبغي معها اتخاذ قرار بشأن رأس المال الجريء. ومن أهم التحديات في المشروع التشاركية الصلدة في معادلة المؤمنين بالاستثمار النوعي، الذي يؤمل أن يؤتي مخرجات غير تقليدية، وفي الوقت نفسه استشراف مستقبل القطاع الذي ينضوي فيه المشروع، من أجل تحقيق الاستدامة التي تسهم في تعظيم الأرباح، وفي الغالب الأعم فإن تلك المنتجات أو الخدمات ترتكز على أحدث وسائل التكنولوجيا، وذات ارتباط وثيق بتقنيات وبرمجيات متقدمة. وهنا يمكن الإشارة بجلاء، إلى صندوق رأس المال الجريء الذي يقام مشاركة بين مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يبلغ رأسماله 75 مليون ريال، ويشكل هذا الصندوق فرصة جادة وحقيقية بمعنى الكلمة أمام رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية من أجل بلورة أفكارهم وخططهم إلى مخرجات تتنوع بين منتجات وخدمات تسهم في تلبية احتياجات السوق العصرية. وتجيء هذه الشراكة لتسهم في استقطاب مزيد من مشاريع رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى مدينة الملك عبدالله الاقتصادية عبر رواد أعمال يملكون أفكاراً خلاقة وإرادة جادة لتحقيق انتصارات حقيقية لأنفسهم ووطنهم من خلال عقولهم النيرة ورغبة حقيقية في صناعة مبتكرات تهدف إلى تطوير أداء منتج حالي أو خدمة أو تحسين كفاءتها أو تطوير فاعليتها. إن الأرض عطشى، فعلاً، لإسهامات رواد الأعمال التي ترتكز على منهجيات تفكير عليا، ولعل حصول المملكة على المرتبة 46 من بين 66 دولة في معيار تمويل مشاريع ريادة الأعمال، وهو تقرير مستقل يصدر عن مركز بابسون العالمي لريادة الأعمال (BGCEL)، يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز حضورنا في ريادة الأعمال. وهذا يتطلب، بالتأكيد، جملة عوامل، منها الرساميل الجريئة التي تؤمن بمدى العبقرية الإنسانية في تحقيق آفاق أرحب، وهو ما تتشارك بالمضي قدماً به، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية من جهة، وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى، وهذا ما يوجد تشاركية استثمارية في العقول والموارد البشرية، ناهيك عن الاستثمار في المال والأعمال. يمكنني القول إن الفرص التمويلية الحقيقية لرواد الأعمال باتت تشكل أحجاراً صلدة يسير عليها العقول التي استقطبتها هذه الكلية، ولا غرو أن يُشرع باب عريض للإفادة من مخرجاتها، بدءاً من تطوير حلول تمويلية مبتكرة، مروراً بتنويع الاستثمارات التي يمكن لهم المشاركة بتأسيسها، واستقطاب الكفاءات، ونقل المعرفة، وصولاً إلى خلق فرص العمل والاستفادة من الخبرات الدولية المختلفة التي تسهم في تمكين قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أداء الدور الذي يمكّنه من الاضطلاع بدوره الملائم في سوق العمل. إجمالاً، فإن رساميل المال الجريء وريادة الأعمال، صنوان لا ينبغي ان يفترقا، بل إن ارتباطهما العضوي يعد صفة لازمة للعلاقة المنطقية بينهما، إذ إن رأس المال الجريء إكسير يبعث الحياة في قطاع ريادة الأعمال، ومن قبيل المجازفة الزعم بأن ريادة الأعمال يمكن أن تنطلق في فضاءات أرحب وتتزايد معها فرص النجاح الحقيقي بلا رساميل تؤمن بالإبداع والمبادرة.