فيما أعلنت المملكة مطلع الشهر الجاري رفضها لمعلومات وأرقام وردت في تقرير للأمم المتحدة، تحمل التحالف العربي لاستعادة شرعية ودستورية اليمن الذي تقوده، مسؤولية مقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن، ووصفتها بأنها غير «دقيقة ومضللة»، أعربت السعودية عن أملها من الجهات الرسمية في المنظمة الدولية تحري الدقة في المعلومات، والتأكد من مصداقيتها وأخذها من مصادرها الرسمية قبل الإدلاء بأي تصريحات وبيانات. وأشارت المملكة إلى ضرورة اضطلاع الجهات المعنية في الأممالمتحدة خاصة إدارة الإعلام بمسؤولياتها تجاه وسائل الإعلام التي تحرض على الكراهية والتطرف، والعنف والتخريب بين الشعوب، وتسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، ونشر تقارير مغلوطة، وذلك في الكلمة التي ألقاها السكرتير الثاني في الوفد الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة ياسر الضبعان أمس، أمام لجنة السياسات الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) حول البند المتعلق بالمسائل المتصلة بالإعلام وذلك ضمن أعمال الدورة ال72 للجمعية العامة. انفتاح ورسالة وبحسب «واس»، أشار الضبعان في بداية الكلمة إلى دعم وشكر المملكة للجهود التي تبذلها وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للاتصالات العالمية، ولجهود جميع منسوبي إدارة الإعلام خلال فترة انعقاد اجتماعات الجمعية العامة في دورتها الحالية في إنشاء منصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت فرصة التحدث بشكل مباشر إلى المجتمع الدولي، وقال: «إن المملكة تسعى من خلال رؤيتها 2030 إلى مواكبة المستجدات الإعلامية، وتنمية صناعتها، وتعزيز تنافسها عالمياً، وتعمل على إبراز رسالتها السياسية والثقافية والاقتصادية عبر أدوات عصرية تعكس عالمية المواطن السعودي، وتعرّف شعوب العالم حقيقة إيماننا بالتنوع، وقبولنا للآخر، ورغبتنا بحوار الثقافات وتلاقيها، وبعد مبادرات عديدة لاقت الصدى والإشادة من قبل الأممالمتحدة والدول التي تشاركنا قيم التعايش والسلام، فعّلت المملكة من خلال عدد من الوزارات الحكومية مبادرات اتصالية فاعلة بدأت بمركز الاتصال والإعلام الجديد بوزارة الخارجية، والذي يخاطب العالم بثماني عشرة لغة، ويحمل رسالة وطنية إلى العالم، كما يعتبر المركز الحاضن لمبادرة الدبلوماسية الرقمية والتي من خلالها تبوأت وزارة الخارجية السعودية المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط بالتفاعل عبر شبكة التواصل الإلكتروني، ومن ضمن المراكز الخمسة الأولى عالمياً في هذا الإطار، إيماناً بالمستقبل وبطموح الشباب وبلغة العصر، وفي هذا السياق أيضاً تم في هذا العام تأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، والذي يهدف إلى رصد وتحليل الفكر المتطرف واستشرافه للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، ونشر مبادئ التسامح والاعتدال، والتأكيد على فرص السلام العالمي، عبر نخبة من الباحثين والمتخصصين، وبرمجيات مبتكرة، وبمختلف اللغات واللهجات، والتعاون مع الحكومات والمنظمات ذات العلاقة». حرص وترسيخ وأكد السكرتير الثاني في الوفد الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة، ياسر الضبعان، حرص حكومة المملكة وبكل جهد وعمل دؤوب من خلال إعلامها (التقليدي وغير التقليدي) على ترسيخ منهج الوسطية وقيم الإتقان والعدالة والشفافية ونبذ التطرف ومحاربة أفكاره، ونشر خطاب الحوار والسلام، ومناهضة العنف الأسري، وتعزيز مساهمة المرأة في المجال الإعلامي. وتابع في هذا الخصوص: «تأمل بلادي أن تقوم الجهات المعنية في الأممالمتحدة خاصة إدارة الإعلام بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه وسائل الإعلام التي تحرض على الكراهية والتطرف، والعنف والتخريب بين الشعوب، وتسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، ونشر تقارير مغلوطة، واستضافة أشخاص بغرض الإساءة لدول أخرى». وأبدى الضبعان تعاون المملكة بشكل شفاف وواضح مع جميع وكالات الأممالمتحدة، معرباً عن أمل المملكة من الجهات الرسمية في الأممالمتحدة تحري الدقة في المعلومات والتأكد من مصداقيتها وأخذها من مصادرها الرسمية قبل الإدلاء بأي تصريحات وبيانات، وخلص إلى القول: «تؤكد المملكة مجدداً دعمها لجهود الأممالمتحدة ووكيلة الأمين للاتصالات العالمية، وتعاونها بشكل شفاف وواضح مع جميع وكالات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في نقل وإيصال المعلومات لها». يذكر أن الأممالمتحدة كانت قد أصدرت الخميس 6 اكتوبر الجاري، تقريرا أدرجت فيه التحالف العربي الذي تقوده المملكة في اليمن على لائحة الدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق أطفال. التقرير الأممي أغفل انتهاكات الميليشيا بتجنيد الأطفال (أ ف ب) معلومات مضللة وفي رد على التقرير المضلل الذي أصدرته المنظمة الأممية، أعلنت المملكة في اليوم التالي لصدور التقرير رفضها التام لما جاء فيه، واصفة المعلومات والأرقام التي وردت فيه بأنها غير دقيقة ومضللة. وقال عبدالله المعلمي، مندوب المملكة لدى الأممالمتحدة في بيان: «إن السعودية تتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر لتجنب إيذاء المدنيين». وأضاف المعلمي: «تعيد المملكة والتحالف التأكيد على اتخاذ إجراءات مهمة لحماية المدنيين خلال كل العمليات العسكرية لإنهاء معاناة الشعب اليمني وتقليل التكلفة الإنسانية»، وتابع: «نرفض المعلومات والأرقام غير الدقيقة والمضللة التي تضمنها التقرير ونعبر عن تحفظنا الشديد فيما يخص تلك المعلومات». بجانب ذلك، أصدر التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن بيانا عبر فيه عن رفضه التام لما احتواه التقرير من معلومات وبيانات غير صحيحة، وتحفظه وبشدة على تلك المعلومات والبيانات، مشيرا إلى أن ورودها من شأنه التأثير على مصداقية تقارير الأممالمتحدة. وعبر التحالف عن رفضه الأساليب التي تم من خلالها تزويد مكاتب الأممالمتحدة بمعلومات مضللة وغير صحيحة هدفها صرف الأنظار عن جرائم الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع، وشدد في الوقت ذاته على حرصه على الالتزام بالمعايير والقوانين الدولية لحماية المدنيين وسلامتهم، واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي الإضرار بالمدنيين. وأكد التحالف أن الآثار المؤسفة لهذا النزاع تعود إلى قيام الحوثيين والقوات الموالية لصالح بارتكاب جرائم وأساليب لا أخلاقية وغير شرعية يستخدمون فيها المدنيين -بمن فيهم الأطفال- دروعا بشرية، ويزجون فيها بالأطفال في ميليشياهم، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية وحقوق الإنسان ودون اعتبار لحرمة النفس البشرية، وذلك لتحقيق أهدافهم وغاياتهم غير المشروعة. حماية المدنيين وشدد التحالف على أنه اتخذ إجراءات شاملة ومهمة لحماية المدنيين لتقليل الأضرار الجانبية وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني. وذكر البيان بأن النزاع في اليمن ما كان لينشأ لولا التدخلات الإيرانية في اليمن، وما قام به الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح من انقلاب على الشرعية في اليمن وتهديد الدول المجاورة لليمن والمنطقة بأسرها تهديداً مباشراً وخطيراً، إضافة إلى إطلاق الحوثيين باتجاه المملكة العديد من الصواريخ الباليستية بما يفوق (76) صاروخاً وكذلك القذائف وكلها بدعم من إيران وحزب الله مما أوقع العديد من الضحايا والمصابين من المدنيين. وأكد التحالف أيضا حرصه على حماية الشعب اليمني بما يسهم في المحافظة على أمن واستقرار المنطقة، مطالبا بتوضيح ما ورد في التقرير من مغالطات بشأن التحالف وإلغاء الإدراج، كما طالب الأجهزة المعنية في الأممالمتحدة بالاستمرار في التعاون مع دول التحالف لتعزيز الإجراءات الكفيلة بحماية وسلامة الأطفال، وتحميل ميليشيا الحوثيين وصالح مسؤولية الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في اليمن، مشيرا لدور مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية في جميع المحافظات اليمنية بما فيها الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين. بدورها قالت الحكومة اليمنية في بيان: «إن الشرعية تسعى إلى حماية شعبها ولا تجند الأطفال للقتال وتتعاون مع الأممالمتحدة، وملتزمة بتنفيذ قراراتها وبالقوانين الدولية، كما أن من غير المقبول تضمين اسم تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، بالاعتماد على معلومات وتقارير مصدرها ميليشيا مسلحة تم إدراجها في قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة تحت الفصل السابع بأنها انقلابية ومتمردة». غير منطقي وأكدت الشرعية اليمنية أن إبقاء اسم الحكومة الشرعية وتحالف دعم الشرعية في اليمن الذي ينفذ نيابة عن المجتمع الدولي قرارات مجلس الأمن الملزمة، في التقرير، غير منطقي، ويناقض جملة وتفصيلاً ما أشار إليه التقرير ذاته من أن التحالف اتخذ إجراءات لتحسين حماية الأطفال. وفي سياق الرفض للتقرير المضلل، أعرب ممثلو اتحاد العشائر والعائلات العربية في ألمانيا الذين تجمعوا أمس أمام مقر الأممالمتحدة عن تأييدهم للحكومة الشرعية في اليمن ودعمهم لقوات التحالف بقيادة المملكة، ورفضهم وتنديدهم الشديد بتقرير الأممالمتحدة الذي صدر مؤخرًا حول الأوضاع في اليمن. وأكدوا أن الأممالمتحدة تنظر للحرب من زاوية واحدة وتغض الطرف عن المتسبب بالأوضاع الإنسانية الكارثية على الأرض، متهمين إيران بدعم قوى الانقلاب على الشرعية في اليمن وتقديم السلاح والدعم اللوجستي لهم، إضافة إلى التدريب العسكري. بدورها أدانت الجالية المسلمة في نيوزيلندا الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها ميليشيا الحوثي المسلحة في اليمن. وندد رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية النيوزيلندية، حازم عرفة، في بيان صدر أمس، بالجرائم التي يمارسها الحوثيون وعصابات صالح، ضد الشعب اليمني وتحويل الأطفال كدروع بشرية بشكل يتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية، معربًا عن قلق الجالية المسلمة في نيوزيلندا جراء تلك الممارسات اللا إنسانية. دور المملكة واستعرض البيان تطورات الأزمة اليمنية وتحرك دول التحالف العربي بقيادة السعودية من أجل دعم الشعب اليمني ومساعدته على الصعد السياسية والإنسانية والصحية، وعملياته العسكرية التي تمت وفقاً للشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وخاصة القرار 2216 الصادر عام 2015. وأشاد البيان بجهود المملكة ودورها القيادي لإعادة حكومة اليمن الشرعية والمعترف بها دوليا بما يتوافق مع مجلس الأمن، وتوفيرها المساعدات الإنسانية للتخفيف من المعاناة والضرر الإنساني عن الشعب اليمني ودعمه في المجالات كافة خاصة ما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من خدمات يعرفها القاصي والداني. يشار إلى أن جميع الدول العربية والإسلامية والمنظمات الإقليمية والدولية رفضت ما تضمنه التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن وضعية الأطفال في إطار النزاعات المسلحة، وما تضمنه من ادعاءات حول ارتكاب دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية انتهاكات ضد أطفال اليمن، مشيرة إلى أنه كان الأجدر أن يستلزم التقرير تبني نهج أكثر دقة من جانب معدي التقرير. فيما قالت جامعة الدول العربية: «إنه كان يجب الأخذ في الاعتبار التعقيدات المختلفة للموقف في اليمن، ومسؤولية الميليشيا الانقلابية عن عدد ضخم من الانتهاكات التي وقعت بشكل عام، تجعل من الأهمية بمكان الرجوع للحكومة الشرعية في اليمن كمصدر رئيسي للحصول على المعلومات والبيانات في هذا الشأن».