شهد قطاع الطاقة والمعادن أسبوعًا قويًا ساعد في دفع مؤشر «بلومبرج» للسلع نحو أفضل أسابيعه منذ ستة أسابيع. ووفر تجدد ضعف الدولار بعضًا من الدعم الشامل، فيما ساهمت عملية إعادة التوازن والمخاوف بشأن العقوبات الأمريكية الجديدة المرتقبة ضد إيران في دعم أسعار النفط. وحظيت أسعار الذهب بالدعم نتيجة لبيانات التضخم الضعيفة والتوقعات الإيجابية من بنك الاحتياطي الفيدرالي، فيما شهدت أسعار المعادن الصناعية ارتفاعًا ملموسًا في ضوء استمرار مساعي بكين للحد من العرض بهدف تخفيض التلوث، وذلك قبل انعقاد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني وحلول فصل الشتاء. وواصلت المخاطر الجيوسياسية دورها في تعزيز دعم أسعار النفط والمعادن الثمينة على خلفية الحروب التي يشنّها الرئيس الأمريكي ترامب ضد أي شخص من المشرّعين في الكونجرس والإعلام وموظفي إدارته وكوريا الشمالية. وتجلّت أقرب الاحتمالات المذكورة في خطاب ترامب يوم الجمعة برفض المصادقة على امتثال إيران للاتفاق النووي. وبداية من يوم الأربعاء خلال الأسبوع المقبل، تقف بكين على عتبة أحد أكثر الأحداث أهمية في العام، والتي تتمثل في انعقاد الدورة التاسعة عشرة من المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني، وهو الملتقى الذي يتم فيه تعيين قادة الحزب الشيوعي وتحديد الأولويات الاقتصادية للمستقبل. وقد تؤدي خطة بكين الطموحة والرامية إلى تسليط الضوء على مشكلة التلوث في المدن الكبرى للسيطرة عليها والحد منها إلى الارتقاء بمكانة الصين بين قادة العالم في مجال تكنولوجيا البطاريات والمحركات الكهربائية، فضلًا عن مكافحة التلوث بحد ذاته. وفضلًا عن قيود الإنتاج، لعبت الأهداف المستقبلية الطموحة لإنتاج المركبات الكهربائية دورًا مهمًا في دعم الارتفاع الأخير في أسعار السلع الصناعية، وليس أقلها النحاس (الأسلاك الكهربائية) والنيكل (البطاريات) والألمنيوم (السيارات الأخف وزنًا). وحافظ قطاع الحبوب على استقراره، بحيث وصلت أسعار فول الصويا إلى أعلى مستوياتها خلال شهرين ونصف الشهر، على خلفية توجّه التقرير الشهري لحجم العرض والطلب من وزارة الزراعة الأمريكية إلى تخفيض تقديرات المحاصيل والإنتاج. وجاءت البيانات المماثلة للقمح والذرة أقل دعمًا، ولكنهما نجحا في التعافي وبلوغ أدنى مستوياتهما. ويأتي ذلك بالتزامن مع توجّه صناديق التحوّط نحو تغطية مراكز البيع على المكشوف اعتقادًا منها بأن الأسعار قد وصلت إلى حد مناسب في هذه المرحلة. وأظهرت مراكز صناديق التحوّط في الأسبوع المنتهي بتاريخ 3 أكتوبر صافي بيع قصير الأجل للقمح والذرة، وصافي شراء طويل الأجل بالنسبة لفول الصويا. ومع ذلك، بقي تحديد مراكز الحبوب الرئيسية الثلاثة دون المتوسط الأطول أجلًا نظرًا لوفرة العرض. وبالرغم من صافي البيع الذي وصل إلى مستوى متدنٍ جديد، بلغ صافي البيع قصير الأجل للذرة 143.201 لوت؛ ليكون بنسبة 69% فقط من ذروة سنة واحدة، وهو مؤشر محتمل عن تلاشي الرغبة بالبيع. وجاء ضعف الدولار وانخفاض عائدات السندات مرة أخرى لإنقاذ الذهب. وبعد أن وصل وحافظ على مستوى دعم فني رئيسي خلال الأسبوع الماضي، تمكَّن الذهب من تشكيل مطرقة تصاعدية على الرسم البياني الأسبوعي. ومن جديد، تراجعت شعبية الرئيس الأمريكي ترامب بشكل أكبر في أعقاب الحروب التي شنّها على المشرّعين في الكونجرس، وازدياد المخاطر المرتبطة بكل من كوريا الشمالية (عسكريًّا) وإيران (عقوبات). وبعد صدور المحاضر الرسمية الإيجابية بشكل مفاجئ لاجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في سبتمبر وبيانات التضخم الأضعف من المتوقع، ازداد ارتفاع أسعار الذهب ليتم تداوله فوق عتبة 1300 دولار للأونصة. وأصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توقعات تضخم واقعية بالتزامن مع محاولاته للإجابة عن سبب عدم وجود ضغوط على الأسعار في سوق العمل. وخلصت هذه المحاضر إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لرفع وتيرته المعهودة في ارتفاع أسعار الفائدة. وخصّصت السوق حاليًّا فرصة 73% لرفع أسعار الفائدة في 13 ديسمبر. وبقيت الاستثمارات الورقية عبر الصناديق التي يتم تداولها في البورصة قوية خلال مرحلة التصحيح الأخيرة. إلا أن صناديق التحوّط اتجهت نحو تخفيض رهانات العقود الآجلة على ارتفاع الأسعار بنحو 30% خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مما قلل من خطر الضغط الإضافي على السوق من التصفية طويلة الأجل. وتعافت أسعار الذهب بعد دعمها عند 1.260 دولارًا للأونصة، ليتحوّل ذلك إلى أكثر من مجرد تصحيح ضعيف ضمن الاتجاه نحو الهبوط، فإننا بحاجة الآن لرؤية الدعم فوق عتبة 1.298 دولارًا للأونصة.