كلنا يعلم أن الفساد هو أخطر الأمراض، التي تصيب الأوطان فتدمرها. فهو كالسوسة التي تنخر جذوع الأشجار فتسقطها، بغض النظر عن احجامها، ومهما كانت جذورها ضاربة في أعماق الأرض. ولو نظرنا للكثير من القصص، التي أدت في نهايتها إلى سقوط وتفكك إمبراطوريات، كانت في يوم من الأيام من أكبر الإمبراطوريات في العالم، لوجدنا أن السبب الرئيس والأهم، لم يكن سوى انتشار الفساد فيها. اليوم تشهد المملكة تشدداً في مكافحة هذا الداء الخطير، فلم يعد أحد -مهما كانت مكانته أو منصبه- بمنأى عن المساءلة والمحاكمة والعقاب. هذا التصميم «السامي» وهذه الإرادة الملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله-، ومن خلال توجيهه لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم يستثنيا مجالا ولا مكانا ولا اسما ولا منصبا، بل وحتى الرياضة التي كانت إلى عهد قريب بعيدة عن المتابعة والمساءلة والمحاكمة، شملها هذا التوجيه الذي أسعد الجميع. تأكيدا لما قاله سموه الكريم، بأن لا أحد من الفاسدين سينجو من العقاب والحساب. معركة الحرب على الفساد بدأت ولن تنتهي إلا بعد تحقيق النصر المبين على الفاسدين، ممن يقدمون مصالحهم على مصالح الوطن. وإذا كان قائد هذه المعركة هو سمو ولي العهد، فإنكم كمواطنين، أنتم الجنود الميدانيون، الذين يقاتلون في سبيل رفعة وطنهم والحفاظ على نزاهته وكرامته. لقد فتحت لكم الدولة الكثير من الأبواب للإبلاغ عن أي فاسد، وتركت لكم فرصة الاختيار للتبليغ، ووضعت لكم الحماية الكافية، بل ورصدت مكافآت مالية كبيرة لمَنْ يبلّغ عن عملية فساد يتم إثباتها. وتبقى الكلمة الأخيرة لنا كمواطنين، فكل منا جندي في هذه المعركة، وكل له دوره في القضاء على الفاسدين. مملكتنا تمر بمرحلة انتقالية نحو غد مشرق، لكنها لن تحرز التقدم المطلوب، إلا بتطهير كل الوزارات والهيئات والقطاعات ممن عاثوا في الأرض فسادا، وها قد حان يوم الحساب «الوطني». ولكم تحياتي.