الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فإن الأمن نعمة عظيمة يُنعم الله سبحانه وتعالى بها على من يشاء من عباده، قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) «سورة العنكبوت»، وقال تعالى (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) «سورة قريش»، وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) «سورة النحل». وإن للأمن أثراً كبيراً على استقرار البلاد والعباد وحسن معايشهم وأداء عباداتهم مع حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. ونحن في الوقت نفسه فإن هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية تشهد الآن بحمد الله انطلاقة التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره التاسعة والثلاثين من المسجد الحرام. لذا؛ فإن العاقل الحصيف يستلزم عليه شكر هذه النعمة، وأيضا عدم التسبب في نُكرانها وإهدارها وتضييعها، وذلك على جانبين: حسي ومعنوي، فأما الجانب الحسي فحصل النكران عبر التفجيرات والمظاهرات والتخريب والخروج على ولاة أمور المسلمين وإحداث القلائل والنزاعات وتضييع الجماعة ونحو ذلك، وأما الجانب المعنوي: فإنه عبر إحداث البدع والمعاصي والذنوب. قال الشاعر: إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ** فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَادِ ** فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ وإن فقدان الأمن فيه من البُوس والضياع ما نشاهد بعضه صباح مساء في البلدان التي فقدت نعمة الأمن. ونحن في نعم، نشكر الله على فضائله وإنعامه، كما نحمده جل وعلا من تيسيره وفضله أن وفق الجهات الأمنية ورجالها في وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة بإحباطهما مخطط الخلية الإرهابية الأخيرة وما سبقها من مخططات يسعى أهلها إلى استهداف أمننا واستقرارنا ووحدتنا في بلاد الحرمين الشريفين مهبط الرسالة. كما أوصي الشباب وغيرهم في هذه البلاد وخارجها بلزوم جادة العلماء المعروفين المشهود لهم والسير على منهجم وخُطاهم وتوقيرهم والصدور عنهم فإن في ذلك خيري الدنيا والآخرة، ولذا يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله واصفاً العلماء: (فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب) «إعلام الموقعين 1/8» ويقول الحافظ ابن كثير الشافعي رحمه الله في تفسيره: (ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام) «تفسير القرآن العظيم 2/24»، ويقول الحافظ القرطبي المالكي رحمه الله في تفسيره: (في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء) «الجامع لأحكام القرآن 4/40». سائلا الله الكريم أن يحفظ هذه البلاد وأن يحفظ قادتها ورعيتها لما فيه خير الإسلام والمسلمين وأن تكون بلادنا شامخة بأمنها وإيمانها وأن يرد مخططات الأعداء وأهل الفساد والله الموفق. * عضو الإفتاء والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة الشرقية