تعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - المقررة الخميس المقبل إلى روسيا الاتحادية، الأولى له - أيده الله - منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة، وستعطي دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن تجدّد عهدها في 17 سبتمبر1990م عبر صدور بيان مشترك أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على أسس ومبادئ ثابتة. يأتي ذلك فيما يتواصل التفاهم المشترك بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية ويتطور إلى مراحل متقدمة دعمتها الشراكة الدولية التي جمعتهما في مجموعة العشرين التي تضم 20 دولة من أقوى اقتصادات العالم، إذ حرص البلدان على استثمارها في إجراء المزيد من التشاور نحو الارتقاء بالعلاقات المتبادلة. وشهدت قمة مجموعة العشرين في مدينة أنطاليا التركية عام 2015م، لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - بفخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث استعرضا مجالات التعاون بين البلدين وما يتعلق بتطورات الأحداث في المنطقة. وحاز ملف الإرهاب والتطرف على اهتمام قيادتي البلدين، واتفقا سويًا على الوقوف ضد الإرهاب وتجفيف منابعه بسبب خطورته على الأمن العالمي واقتصاده، في الوقت الذي كانت فيه المملكة أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر مايو 2000م. وفي كل الأحداث تتبادل المملكة وروسيا الموقف الموحد في التصدي للإرهاب بمختلف صوره، كما بادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في برقية بعث بها إلى فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر ديسمبر 2016م، حيث أدان فيها- أيده الله - الاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة السفير الروسي في أنقره، وجدّد موقف المملكة الثابت في رفض الإرهاب بأشكاله وصوره كافه، وأهمية العمل على مواجهته والتصدي له. وفي موقف آخر، أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في برقية عزاء بعث بها في 3 أبريل 2017م إلى الرئيس الروسي عن استنكاره لحادث التفجير الإجرامي الذي وقع في مترو سان بطرسبورغ في شهر أبريل 2017م. واستمرارًا للتشاور بين البلدين، تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 13 يونيو 2017م، اتصالا هاتفيا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجرى خلاله تناول العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وفرص تطويرها في جميع المجالات. واستطاع البلدان بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الروسي فلاديمير بوتين استطاعا تقريب وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة من خلال تفهم ظروف كل قضية، وموقف كل بلد تجاهها. وتأكيدًا على الحرص المتبادل بين البلدين على التنسيق المستمر حول الموضوعات التي تهم الدولتين والأوضاع المنطقة، استقبل الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في 10 سبتمبر 2017م بمكتبه بقصر السلام في جدة، معالي وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف الذي نقل للملك المفدى تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معربًا عن ارتياحه للتعاون القائم بين المملكة وروسيا والتحرك المشترك. وعند زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمملكة في شهر فبراير عام 2007م، التقى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - "عندما كان أميرًا للرياض" عشية جولته في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعدد من أصحاب السمو الملكي. وخرجت زيارة الرئيس الروسي للمملكة بتوطيد أكثر للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن أثمر عنها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية، وثقافية، وإعلامية، وفي مجال خدمات النقل الجوي. وتؤكد هذه المعطيات أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى روسيا ستكون بمثابة نقطة تحول جديدة في مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين تعمل على تعزيز تطلعات البلدين الصديقين نحو تكثيف العلاقات بينهما بما يعود بالنفع على الجميع في ظل المصالح المشتركة التي تجمعهما، وإطلاق المملكة رؤية 2030 التي لفتت برامجها أنظار كبرى شركات الاقتصاد العالمية. من جانبه، وصف سفير خادم الحرمين الشريفين لدى روسيا الاتحادية عبدالرحمن بن إبراهيم الرسي، الزيارة التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لروسيا الاتحادية بالتاريخية بكل المقاييس. وأكد "الرسي" أن القيادة الروسية منذ فترة طويلة تنتظر زيارة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله باهتمام كبير وتتطلع بترحيب، لما تُمثله من دفعة قوية لهذه العلاقات وتنميتها، خاصة في ظل ما شهدته من تطورات غير مسبوقة خلال العامين الماضيين، مؤكدا على أهمية توقيت هذه الزيارة تأتي تتويجاً لمرحلة متميزة ومهمة في مسارها.